وأما ما نسب إلى المفيد - قدس سره - من أن التلف في الثلاثة من المشتري بل نسب إلى جماعة من القدماء فالاجماع المدعى مع قاعدة ضمان المالك لما له يصح حجة له. والاجماع موهون والقاعدة مخصصة بالرواية النبوية، مضافا إلى رواية عقبة بن خالد " في رجل اشترى متاعا " من رجل وأوجبه غير أنه ترك المتاع عنده ولم يقبضه قال: آتيك غدا إن شاء الله. فسرق المتاع، من مال من يكون؟ قال: من مال صاحب المتاع الذي هو في بيته حتى يقبض المتاع ويخرجه من بيته فإذا أخرجه من بيته فالمبتاع ضامن لحقه حتى يرد إليه ماله " (1).
(ولو اشترى ما يفسد من يومه ففي رواية يلزم البيع إلى الليل فإن لم يأت بالثمن فلا بيع له).
الظاهر أن الرواية المشار إليها هي مرسلة محمد بن أبي حمزة " لو اشترى ما يفسد من يومه فإن جاء بالثمن ما بينه وبين الليل وإلا فلا بيع له " (2) وظاهرها الانفساخ كالأخبار الواردة في المسألة السابقة وإن حملت على نفي اللزوم واستدل عليه أيضا بقاعدة نفي الضرر حيث إن البايع ضامن للمبيع ممنوع عن التصرف محروم عن الثمن ومقتضاها ثبوت الخيار في غير مورد النص كما لو كان المبيع يفسد نصف يوم، وقد يقال: إن ظاهر النص يوهم خلاف ما ذكر لأن الموضوع فيه ما يفسد من يومه والحكم فيه بثبوت الخيار من أول الليل. فيكون الخيار في أول أزمنة الفساد، ومن المعلوم أن الخيار حينئذ لا يجدي للبايع شيئا لكن المراد من اليوم اليوم وليلته، فالمعنى أنه لا يبقى على صفة الصلاح أزيد من يوم بليلته فيكون المفسد له المبيت لا مجرد دخول الليل فإذا فسخ البايع أول الليل أمكن له الانتفاع به و ببدله، ويمكن أن يقال لم يظهر من الرواية كون الانفساخ أو الخيار أول الليل حتى يحتاج إلى التأويل المذكور فيمكن حملها على أن المشتري إن جاء بالثمن بين اليوم وبين الليل بحيث لا يتضرر البايع وإلا فلا بيع له.