عاشق يكتم ويعف بأنه شهيد؟! فترى من يعشق امرأة غيره، أو يعشق المردان والبغايا - ينال بعشقه درجة الشهداء. وهل هذا إلا خلاف المعلوم من دينه صلى الله عليه وسلم. كيف: والعشق مرض من الأمراض التي جعل الله سبحانه لها الأدوية شرعا وقدرا، والتداوي منه إما واجب:
إن كان عشقا حراما، وإما مستحب؟! وأنت إذا تأملت الأمراض والآفات - التي حكم رسول الله صلى الله عليه وسلم لأصحابها بالشهادة -: وجدتها من الأمراض التي لا علاج لها، كالمطعون والمبطون والمجبوب (1) والحريق والغريق، وموت المرأة يقتلها ولدها في بطنها. فإن هذه بلايا من الله لا صنع للعبد فيها، ولا علاج لها، وليست أسبابها محرمة، ولا يترتب عليها -: من فساد القلب، وتعبده لغير الله. - ما يترتب على العشق.
فإن لم يكف هذا في إبطال نسبة هذا الحديث إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقلد أئمة الحديث العالمين به وبعلله: فإنه لا يحفظ عن إمام واحد منهم قط، أنه شهد له بصحة بل ولا بحسن (2).
كيف: وقد أنكروا على سويد هذا الحديث، ورموه لأجله بالعظائم، واستحل بعضهم غزوه لأجله.؟! قال أبو أحمد بن عدي في كامله: " هذا الحديث أحد ما أنكر على سويد "، وكذلك قال البيهقي: " إنه مما أنكر عليه ". وكذلك قال ابن طاهر في الذخيرة وذكره الحاكم في تاريخ نيسابور، وقال: " أنا أنعجب من هذا الحديث. فإنه لم يحدث به عن غير سويد، وهو ثقة ". وذكره أبو الفرج بن الجوزي في كتاب الموضوعات. وكان أبو بكر الأزرق يرفعه أولا عن سويد، فعوتب فيه: فأسقط ذكر (3) النبي صلى الله عليه وسلم، وكان لا يجاوز به ابن عباس رضي الله عنهما.
ومن المصائب التي لا تحتمل: جعل هذا الحديث من حديث هشام بن عروة، عن أبيه، عن عائشة رضي الله عنها، عن النبي صلى الله عليه وسلم. ومن له أدنى إلمام بالحديث وعلله: لا يحتمل هذا البتة.
ولا يحتمل أن يكون من حديث ابن الماجشون، عن ابن أبي حازم، عن ابن أبي نجيح، عن