خاضها الإمام علي بن أبي طالب الذي شاء الله أن يجعله في المقدمة بعد وفاة الرسول الأعظم ليرى الله كيف يعملون وفقا لدائرة اختيارهم. ولعلمه سبحانه بأن الاختلاف واقع لا محالة أحاط سبحانه النبي بالعلم وبين له مواطن الاختلاف والفتن من بعده. وكان فوق كل موطن من المواطن حجة كأبي ذر والمقداد وسلمان وعمار وأويس وجندب وزيد وغيرهم. وآخر هؤلاء جاء الفقيه الزاهد العالم إمام المتقين علي بن أبي طالب ليواجه دائرة النبلاء التي أخذت شرعيتها من تأويل وضع في غير موضعه. وكان هذا لطفا من الله كي يشع الماضي أمام الحاضر لينتقل إلى المستقبل.
لقد جاء علي في خاتمة عصر الصحابة القادة. ليفتح أبواب التوبة كي يتنفس المستقبل الأمان ولا يحدث الاختلاف ولا تخرج الفرق التي تستمد وقودها من عهود قبل معارك التأويل أو من عهود ما بعد معارك التأويل. جاء علي ليدخلهم تحت راية واحدة لتشق الدعوة طريقها وتسوق الناس إلى صراط العزيز الحميد. وليجد المستقبل أن ماضيه لا خلاف فيه. جاء ليفتح أبواب الشكر والإيمان في عالم اكتناز الذهب والفضة وكأنه يتلوا قوله تعالى: (ما يفعل الله بعذابكم إن شكرتم وآمنتم وكان الله شاكرا عليما) (1). ولكننا سنرى ماذا ترتب على فتح هذه الأبواب. وهل المعارك التي دارت كانت من أجل قميص عثمان. أم أن هذا القميص كان كقميص يوسف الذي حمله أبناء يعقوب إلى أبيهم ليخفوا به مقاصدهم التي بدأوها بالحسد وانتهوا بجريمة تغيب يوسف في أعماق الجب ليخلو لهم مركز الصدارة عند أبيهم؟ أم أن هذه المعارك خاضها طرف من أجل الدفاع عن تأويل حق بينما خاضها أطراف أخرى لوقف التأويل الحق نظرا لأن وجوده سيكشف ما ضاع من رواية وسيطيح بنبالة قريش؟ وعلى أي حال فإن ما بين أيدينا من حديث يثبت أن المعارك التي دارت كانت من أجل التأويل وهذا يعري حملة القمصان ويثبت أن القميص ما كان إلا شعارا أجوفا حملته الوصول إلى أهداف أخرى، روى الإمام أحمد عن النبي صلى الله عليه