والنبي الخاتم صلى الله عليه وسلم، عندما بعث كانت سنة الآباء الضالين لها أعلام في كل مكان من عالم الفرقة والاختلاف. لقد دعاهم إلى الحق، فواجهوه بالباطل (قالوا حسبنا ما وجدنا عليه آباءنا) (1) (وإذا فعلوا فاحشة قالوا وجدنا عليها آباءنا والله أمرنا بها قل إن الله لا يأمر بالفحشاء) (2). جاء الرسول الخاتم ليواجه شريحة من الكفار في رسالته الخاتمة تحمل نفس الملامح التي حملها كفار قوم نوح عليه السلام في صدر الإنسانية، فقديما شكا نوح عليه السلام قومه لله تعالى وقال: (وإني كلما دعوتهم لتغفر لهم جعلوا أصابعهم في آذانهم واستغشوا ثيابهم وأصروا واستكبروا استكبارا) (3) في الرسالة الخاتمة قالوا لمحمد صلى الله عليه وسلم: (قلوبنا في أكنة مما تدعونا إليه وفي آذاننا وقر ومن بيننا وبينك حجاب فاعمل إننا عاملون) (4) (وإذا قيل لهم اسجدوا للرحمن قالوا وما الرحمن أنسجد لما تأمرنا) (5).
لقد جاء النبي الخاتم صلى الله عليه وسلم في وقت كانت سياسة الاغواء والتزيين والاحتناك قد وصلت بأصحابها إلى دركات هوة عميقة.
1 - من مداخل الدعوة الخاتمة:
إن الداعي إلى الله تعالى صلى الله عليه وسلم، جاء ليذكر ويغذي الإرادة.
ويعمق الإخلاص ويشيع الأخلاق الفاضلة، ويبشر بما عند الله للذين آمنوا في الحياة الدنيا والآخرة. ويحذر دوائر الانحراف والاختلاف والفرقة والضلال من عذاب يوم عظيم. وكانت أصول دعوته تستند إلى أهم الأمور الفطرية، ألا وهو لا إكراه في الدين. فنوح عليه السلام قال في صدر البشرية