7 - العاصفة والبحث عن الذات:
وجاء عام 35 ه، وهو العام الذي سقط في سلته ما ترتب على قرارات صدرت خلال ما يقرب من ربع قرن بعد وفاة النبي صلى الله عليه وسلم.
وأقصد بذلك قرار إبعاد علي بن أبي طالب عن مركز القيادة، وقرار التضييق على رواية الحديث ثم منعها بعد ذلك، وقرار القص في المساجد، وقرار إلغاء سهم المؤلفة قلوبهم، وقرار إنشاء الخراج الذي استفاد منه طبقة على حساب الذين فتحوا الأرض عنوة، وقرار تعيين المنافقين. وجميع هذه القرارات وردت فيها أحاديث صحيحة، ورواها أصحاب التاريخ وتقبلها العلماء وأرسلوها إرسال المسلمات، ولا يمكن الطعن فيها بأي حال من الأحوال.
وذلك لأن الحديث وحركة التاريخ فضلا عن آيات القرآن الكريم، جميع ذلك لا يلتفت إلى أي اعتراض لأنه سيكون اعتراض قوائمه في ديار الأهواء، والذي دفعني لكي أقول ذلك أنه خلال عام 35 ه ظهر عند بعض أصحاب التواريخ شخصية اعتبروا أنها السبب الرئيسي في البلاء الذي حط على رحلة المسلمين، وهذه الشخصية هي " عبد الله بن سبأ " أو " ابن السوداء "، وأغلب الظن أن الذين اخترعوا هذه الشخصية أرادوا بها قطع طريق البحث العلمي حتى لا يصل إلى الأسباب الحقيقية التي دفعت بالأمة إلى عالم الاختلاف والافتراق واتباع سنن الذين من قبلهم. والذي ساعد على دق عمود هذه الشخصية في تاريخ المسلمين هو القص الذي اتبع سياسة بث الإسرائيليات والخرافات، في وقت كان العديد يتقبل هذه الإذاعات بالتسليم التام، نظرا لعدم وجود سياسة لرواية الحديث عن رسول الله.
ومن العجيب أن القاص، وهو يعرض شخصية عبد الله بن سبأ، أخبر بأنه لم يستطع أن يمزق وحدة المسلمين في الشام!! ولازم ذلك أن الشام عليها أمير فقيه في دين الله مهتم بأمة محمد ووحدتها. ومن الثابت والذي لا خلاف عليه أن القص كان وجبة أساسية على امتداد العهد الأموي، وتحت ظلاله سبوا أمير المؤمنين علي. في البيوت والحارات والبارات وفي المساجد. وعدم اختراق ابن سبأ للشام جاء عند الطبري على النحو التالي: كان عبد الله بن سبأ يهوديا من