هذا فإن البحث عن الرجل الذي قدر له أن يقود الأمة بعد الرسول الأكرم صلى الله عليه وسلم. يجعلنا في البداية أن نجمع مواد البناء أولا، على أن تكون مواد البناء لا خلاف على صحتها عند أهل القبلة. والتقاط مواد البناء هذه من وسط ركام طويل عريض مارس أصحابه سياسات التعتيم والتشهير والقتل.
ليس بالأمر السهل. ورغم صعوبته إلا أن اليسر في خاتمته. وذلك أن مواد البناء لن تكون في حاجة إلى الخطوة التالية التي هي عملية البناء. لأن المواد في حد ذاتها بناء. ولتكن البداية من عند ولاية الله.
2 - ولاية الله عز وجل:
لقد أقام الله تعالى حجته على الخلق في عالم الغيب بميثاق الفطرة المغروس في داخل الكيان الإنساني بأنه تعالى رب كل شئ. وأقام حجته في عالم الاحساس الإنساني بأن زود الإنسان بما يهديه إلى طريق التقوى ويبتعد به عن طريق الفجور. وزوده في عالم المشاهدة المنظور بما يقربه إليه حيث الوجود كله من حوله يهتف بأنه لا إله إلا الله. وفي النهاية جعله مختارا. له أن يختار أي طريق يسلك. وعلى سلوكه سيترتب الثواب والعقاب يوم القيامة. فالفائز هو فقط من احترم المخزون الفطري وما زوده الله به واتبع الهدى الذي جاء به الأنبياء والرسل عليهم السلام، فهذا الهدى الذي جاء به الأنبياء يرشده ويسوقه إلى الصراط المستقيم الذي يتفنن الشيطان في كل عصر ومكان في وضع العراقيل عليه. فالهدى يتعامل مع كل حالة وفقا للزمان والمكان. ولهذا تتابع الرسل عليهم السلام في كل زمان ومكان من أجل أن يسدوا منافذ الشيطان الذي أمهله الله حتى يوم الوقت المعلوم. ومن أجل هذا تحتم على من أراد الفوز بالنجاة والثواب أن يقف تحت ولاية الله ورسوله. لأنها الولاية الوحيدة التي في ظاهرها وباطنها الرحمة وتقود من استظل بها إلى ساحة القرب يوم القيامة، ومن فضله سبحانه على خلقه أنه حذر من اتخاذ الشيطان وليا. ونهى عن مودة اليهود والنصارى - يعني نهى المحبة والاتحاد معهم - لأن هذا الطريق بكل ما عليه من رموز يصب في النهاية في ساحة الخاسرين.