يا أبا عبد الله. وإن هذا لكائن! وقال بعض أصحابه: فكيف نصنع إن أدركنا ذلك الزمان؟ قال: انظروا الفرقة التي تدعوا إلى أمر علي فإلزموها فإنها على الهدى (1).
وعلى هذا وذاك يمكن القول بأن الناكثين خلطوا الأمور أمام السيدة عائشة. فخرجت للإصلاح ولكنهم ساروا بها في طريق شق الصف. وعندما نبحت عليها كلاب الحوأب. أرادت الرجوع ولكنهم قالوا لها: تقدمي ويراك الناس ويصلح الله عزو جل ذات بينهم (2). وتقدمت السيدة عائشة. ومن ورائها تحذير يخوفها من الشيطان. روى البخاري عن عبد الله قال قال النبي صلى الله عليه وسلم خطيبا فأشار نحو مسكن عائشة فقال: " ها هنا الفتنة - ثلاث مرات - من حيث يطلع قرن الشيطان " (3)، لقد كانت الأهواء تحيط بمسكن أم المؤمنين. ويريد أصحابها شق الصف أولا: ليبحث كل صاحب هوى عن كرسي له ثانيا: يركب به على أعناق الأمة. ولم تتبين أم المؤمنين هذه الأهواء في وقتها. ولكنها علمت حقيقتها بعد ذلك. فلم تجد رضي الله عنها إلا الدمع تعبر به عن ندم طويل (4). وسنذكر ذلك بتفاصيله في حينه.
2 - الناكثون في أعماق الحجة:
كان الإمام علي يعلم إلى أين ستنتهي الأحداث. أولا: لأن هناك نصا أنه سيقاتل الناكثين والقاسطين والمارقين. ومن كان هذا شأنه فلا بد أن يعرف البدايات التي ستنتهي إلى ميدان القتال. وثانيا: لأنه كان قد تعلم رؤوس الفتن ورؤوس النفاق، روى أنه قال: " ما من ثلاثمائة تخرج إلا ولو شئت سميت