سوف يرى) * (1) وأمام الله قاصم المستكبرين سيقف الإنسان المحاصر بحجج الله، لتشهد كل حجة عليه، فلا يجد ملجأ يذهب إليه * (وقالوا لجلودهم لم شهدتم علينا قالوا أنطقنا الله الذي أنطق كل شئ وهو خلقكم أول مرة وإليه ترجعون) * (2).
إن ينبوع دين الله فطرة الإنسان نفسه. والفطرة تصرح أن الإنسان لم يكن له إلا أن يخضع لله تعالى خضوع عبادة، خضوع الضعيف للقوي، ومطاوعة العاجز للقادر، وتسليم الصغير الحقير للعظيم الكبير الذي لا يماثله شئ في وجوده، العزيز الذي لا يغلبه شئ وغيره ذليل.
2 - نظرات على طريق الابتلاء:
إن عبور الحياة الدنيا إلى الآخرة تعلو جسوره مظلات الابتلاء والفتن.
فالامتحان ناموس إلهي على امتداد هذه الجسور، وهذا الامتحان لا يستثني منه المؤمن والكافر والمحسن والمسئ. وامتحان الله يكون لإظهار صلاحية الإنسان الباطنية من حيث استحقاق الثواب والعقاب. ويكشف به تعالى للمؤمنين حال المنافقين وهم يعبرون جسر الحياة إلى الآخرة. كما إنه يقوي الإنسان المؤمن لاجتياز هذا الجسر. وكما يمتحن الله الفرد يمتحن سبحانه الأمة قال تعالى (ولو شاء الله لجعلكم أمة واحدة ولكن ليبلوكم في ما آتاكم) (3).
إن الله لو شاء لجعل الناس أمة واحدة لها شريعة واحدة. ولكنه تعالى جعل للناس شرائع مختلفة، ليمتحنهم فيما آتاه من النعم المختلفة التي لا تحصى ولا تعد. فاختلاف النعم يستدعي اختلاف الامتحان (4). وعلى امتداد هذا الامتحان الذي هو في الوقت نفسه امتداد الحياة الدنيا، يموت الفرد ويأتي الآخر، وتموت