اختلاف الأمة إلى أكثر من سبعين شعبة. طريق مفتوح. لهذا قال النبي صلى الله عليه وسلم: " لا يقوم بدين الله إلا من حاطه من جميع جوانبه "، فإذا كان للطالح أثرا على امتداد التاريخ. فإن هذا يؤيد وجود الصالح. ولا شك في هذا. لأن وجود الصالح حجة على وجود الصالح. والصالح في دائرة العزم لا بد أن يشير إليه نص. فكم من إنسان، فرادى ومجتمعين. ظنوا أنهم يحسنون صنعا.
وبصنيعهم تربعوا في دائرة الصلاح. وفي الحقيقة إنهم في دائرة الأخسرين أعمالا. والسبب أنهم ضلوا. والضلال لا يستقيم مع الصلاح. ولأن الله تعالى يقول: (إن ربك هو أعلم بمن ضل عن سبيله وهو أعلم بالمهتدين) (1)، فإنه تعالى أولى بتحديد من يسوق الناس إلى صراط الله بعد رحيل رسوله. وخاصة أن الدوائر في حياة رسوله قد تكاتفت على عرقلة المسيرة التي يختبر الله تعالى الناس فيها لينظر كيف يعملون. فالذي يختبر لا بد أن يحدد الطرق ويقيم الحجج. حتى لا يكون للناس على الله حجة. أما أن نقول إن الأمر كله في أيدي أهل الحقل والعقد. فإن هذا القول فيه تساهل كبير. ونحن هنا سنتتبع مكان القمة في موضعين: في حجة الوداع. وفي غدير خم. لنرى بماذا أخبر رسول الله صلى الله عليه وسلم.
أولا - حجة الوداع:
في العام التاسع الهجري، كانت فورة الشرك والنفاق. وكان علي بن أبي طالب في المدينة وكان من الرسول بمنزلة هارون من موسى عدا النبوة. وفي هذا العام نزلت سورة براءة وقرأها علي بن أبي طالب وما معها من أحكام على أهل مكة وما حولها. وجاء العام العاشر الهجري وفيه بعث النبي صلى الله عليه وسلم علي بن أبي طالب وخالد بن الوليد إلى اليمن قبل حجة الوداع وفي هذا العام نزلت سورة المائدة فكانت آخر ما نزل من القرآن. وروي أن النبي صلى الله عليه وسلم عندما خرج إلى حجة الوداع من المدينة. خرج إليها علي بن أبي طالب من اليمن وقال: لبيك يا هلالا كإهلال