بالغرب (1) على نخيلات من فلان، وهو يقرأ القرآن قال: يا عبد الله، عليك دماء البدن إن كتمتنيها! هل بقي في نفسه شئ من أمر الخلافة. قلت: نعم، قال: أيزعم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم نص عليه؟ قلت: نعم وأزيدك. سألت أبي عما يدعيه فقال: صدق. فقال عمر: لقد كان من رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم في أمره ذرو (2) من قول لا يثبت حجة ولا يقطع عذرا. ولقد كان يربع في أمره وقتا ما. ولقد أراد في مرضه أن يصرح باسمه فمنعت من ذلك إشفاقا وحيطة على الإسلام، لا ورب هذه البنية لا تجتمع عليه قريش أبدا. ولو وليها لانتقضت عليه العرب من أقطارها. فعلم رسول الله إني علمت ما في نفسه. فأمسك وأبى الله إلا إمضاء ما ختم (3).
ونعود إلى حيث بدأنا. فعندما أعلن عن وفاة النبي صلى الله عليه وسلم.
وهتف عمر بمبايعة أبي بكر علمت الأنصار بما عزم عليه المهاجرون. فأتوا بسعد بن عبادة ليبايعوه. ويقتضي هذا أن نلقي الضوء على الأنصار.
2 - أضواء على الأنصار:
الأنصار هم القوة الضاربة في جيش الرسول الأعظم صلى الله عليه وسلم وأطاحت سيوفهم برقاب العديد من أهل مكة. وكان الطلقاء من أهل مكة يحملون أحقادا للأنصار. وهذه الأحقاد بلغت ذروتها يوم الحرة عندما اجتاحت خيول يزيد بن معاوية المدينة وبايعه أهل المدينة على أنهم عبيد له. والنبي صلى الله عليه وسلم وضع الأنصار مع علي بن أبي طالب على أرضية واحدة هي أرضية الإيمان. روى مسلم عن علي أنه قال: إنه لعهد النبي الأمي صلى الله عليه وسلم أن لا يحبني إلا مؤمن ولا يبغضني إلا منافق (4)، وفي الأنصار روى مسلم عن البراء قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم في الأنصار