أمته شيعا "، وفي رواية: " أن لا يجعل بأسهم بينهم " فأبى عليه، وفي رواية " فمنعنيها " (1)، وعلم من ربه أن الأمة ستختلف وتفترق من بعده وستركب سنن الأولين شبرا بشبر وذراعا بذراع. ووفقا لهذا الإخبار كان صلى الله عليه وسلم يأخذ بالأسباب ويلح على ربه جل وعلا. وفي كل هذا تعلق بالله الذي بيده مصير الأمور. وخلال الأيام الأخيرة للنبي صلى الله عليه وسلم. اتخذ قرارات وكان القوم يعرفون أنه ملاقي الله تعالى لا محالة في العام الحادي عشر الهجري. وذلك لأنهم سمعوا مقالته لهم في حجة الوداع " لعلي لا ألقاكم بعد عامكم هذا " وسمعوه يوم غدير خم يقول: " إنني أوشك أن أدعى فأجيب " وعندما نزل قوله تعالى: (إذا جاء نصر الله والفتح)، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " نعيت إلي نفسي " فقال ابن عباس: " فإنه مقبوض في تلك السنة " (2) فلا ريب أن الجميع كانوا يعلمون أن النبي صلى الله عليه وآله مفارق الدنيا. ولا جدال أن الأفراد والجماعات يحب كل منهم أن يفارقه النبي وهو عنهم راض. فينفذون أوامره بدقة ولا يتخاذلوا بأي صورة من الصور.
ونحن هنا سنسلط الضوء على قرارات ثلاثة أصدرها النبي صلى الله عليه وسلم وأيامه الأخيرة لنرى كيف كانت الصورة التي سنعتبرها مقدمة حقيقية يقينية ليستنتج منها طالب العلم معلومات تصديقية واقعية.
أولا - الأمر الواقي من الضلال:
لقد علم النبي من ربه أن الاختلاف والافتراق واقع. وعلى فراش المرض أخذ النبي بالأسباب. وطلب من الحاضرين وكان فيهم عمر بن الخطاب. أن يأتوه بدواة وكتف ليكتب لهم كتابا لا يضلون بعده. فهذا أمر صريح مقدمته تستقيم مع نتيجته. فهو صلى الله عليه وسلم يريد أن يكتب حتى لا يضلوا.
فماذا حدث؟ عن جابر بن عبد الله قال: إن النبي صلى الله عليه وسلم دعا