ومن أرضية لا إكراه في الدين حاور صاحب الخلق العظيم خصومه وأخبرهم بما أمر به الله. (قل إنني هداني ربي إلى صراط مستقيم دينا قيما ملة إبراهيم حنيفا وما كان من المشركين) (1). قال المفسرون: أمره تعالى أن يخبرهم بأن ربه الذي يدعو إليه، هداه بهداية إلهية إلى صراط مستقيم، وسبيل واضح لا تخلف فيه ولا اختلاف. دينا قائما على مصالح الدنيا والآخرة أحسن القيام. لكونه مبنيا على الفطرة ملة إبراهيم حنيفا، مائلا عن التطرف بالشرك. إلى اعتدال التوحيد (2)، وأمره الله تعالى أن يخبرهم بأن طريقه هو طريق العبادة الحق. (قل إن صلاتي ونسكي ومحياي ومماتي لله رب العالمين * لا شريك له وبذلك أمرت وأنا أول المسلمين) (3). قال المفسرون: أمره تعالى أن يخبرهم بأنه عامل بما هداه الله إليه، وسائر به. كما أنه مأمور بذلك، وأمره أن يقول لهم: إنني جعلت صلاتي ومطلق عبادتي ومحياي بجميع ما له من الشؤون.. ومماتي بجميع ما يعود إلي من أموره، جعلتها كلها لله رب العالمين. من غير أن أشرك به فيها أحد، فأنا في جميع شئوني في حياتي ومماتي لله وحده. وجهت وجهي إليه، لا أقصد شيئا ولا أتركه إلا له ولا أسير في سير حياتي ولا أرد مماتي إلا له. فإنه رب العالمين، يملك الكل ويدبر أمرهم، وقد أمرت بهذا النحو من العبودية، وأنا أول المسلمين لله فيما أراده من العبودية التامة في كل باب وجهة (4).
كان هذا مدخل من مداخل دعوة الإسلام العظيم، ولكن جحافل الليل وخفافيش الظلام خرجوا من عالم الاحتناك حيث خيام تلجيم العقول وتعصيب العيون للصد عن سبيل الله بفرسانهم ورجالاتهم وأموالهم.
2 - عواصف الصد عن سبيل الله:
وقفت الدعوة الإسلامية في مواجهة أصحاب السبيل والاختلاف، رافعة