هكذا تحدث معاوية بعد إذاعة كعب، ولذا قال الإمام علي: ما كنت أرى أن في هذا خيرا. وروي أن معاوية قال لعثمان: انطلق معي إلى الشام قبل أن يهجم عليك من لا قبل لك به، فإن أهل الشام على الأمر لم يزالوا (1). ومعنى هذا أن يكون اسم الخلافة بالشام فتكون من معاوية ومعاوية منها. ولكن عثمان لم يوافق على ذلك فقال معاوية: والله يا أمير المؤمنين لتغتالن أو لتغرين (2).
وانطلق معاوية إلى الشام وهو يبحث عن ذاته وسط العاصفة، مسترجعا وصية أمه له حين ولاه عمر.
8 - من الذي قتل عثمان؟
إن عثمان قتل في نهاية طريق. كانت بدايته ربما بلا عواصف وغالبا لا يرى الإنسان إلا بداية الطريق أو وسطه أما نهاية الطريق فلا ترى إلا بعد أن يجئ. وفي نهاية الطريق كانت هناك عواصف عاتبة. لقد فتحت الدولة أبوابها للمنافقين أصحاب السواعد القوية. ومن نفس الباب جاء عثمان بعبد الله بن أبي السرح الذي أهدر النبي صلى الله عليه وسلم دمه. ليجعله واليا على مصر بعد أن جعله عمر أميرا على الصعيد. كما جاء عثمان بالوليد بن عقبة وجعله واليا على الكوفة بعد أن جعله عمر أميرا على بني تغلب. ثم أحضر الحكم بن أبي العاص طريد رسول الله وأعطاه من غنائم المسلمين. واتخذ مروان ابنه مستشارا له ومروان في البداية هو مفتاح قتل عثمان وفي النهاية هو الذي شق عصا المسلمين بلا شبهة. ولم يكتف عثمان بذلك قبل فتح أبواب بيت المال لنبلاء بني أمية والطبقة المميزة من قريش. وعندما قامت عليه الثورة وجد أمامه وحده كل هذه الأخطاء وطالبوه وحده بالتوبة، وروى الطبري أن المصريين عندما قدموا عليه قالوا له: أدع بالمصحف؟ فدعا بالمصحف فقالوا له: إفتح السورة السابعة وكانوا يسمون سورة يونس السابعة. ثم أمروه أن يقرأ. حتى أتى على