وسلم. كانت حجة الله على المنافقين يرفعها علي بن أبي طالب الذي رفضوه في أول الأمر. ولنتدبر هذه الآيات الكريمة التي أمرت وحذرت وفتحت الأبواب أمام النفاق في عهد الرسول ومن بعده في أيام علي بن أبي طالب لأنه عليه نص بأنه يقاتل على التأويل وأن على صفحته يكشف النفاق. قال تعالى: (يا أيها الذين آمنوا لا تتخذوا الكافرين أولياء من دون المؤمنين أتريدون أن تجعلوا لله عليكم سلطانا مبينا * إن المنافقين في الدرك الأسفل من النار ولن تجد لهم نصيرا * إلا الذين تابوا وأصلحوا واعتصموا بالله وأخلصوا دينهم لله فأولئك مع المؤمنين وسوف يؤت الله المؤمنين أجرا عظيما) (1).
قال ابن كثير: ينهى الله تعالى عباده المؤمنين عن اتخاذ الكافرين أولياء من دون المؤمنين. يعني: مصاحبتهم ومصادقتهم ومناصحتهم وإسرار المودة إليهم وإفشاء أحوال المؤمنين الباطنة إليهم قال تعالى: (لا يتخذ المؤمنون الكافرين أولياء من دون المؤمنين ومن يفعل ذلك فليس من الله في شئ إلا أن تتقوا منهم تقاة ويحذركم الله نفسه) (2)، أي يحذركم عقوبته في ارتكابكم نهيه ولهذا قال ههنا (أتريدون أن تجعلوا لله عليكم سلطانا مبينا) أي حجة عليكم في عقوبته إياكم (3)، وبعد هذه المقدمة أخبر تعالى عن المنافقين فقال سبحانه: (إن المنافقين في الدرك الأسفل من النار ولن تجد لهم نصيرا) أي يسكنهم في أسفل درك من النار ويقطع بينهم وبين كل نصير ينصرهم وشفيع يشفع لهم. وهذا يتفق مع حديث الورود على الحوض. الذي يقال فيه لبعض الصحابة: سحقا سحقا أي مكانا بعيدا ليس فيه ناصر ولا شفيع. ولقد بينا في هذا البحث أن علي بن أبي طالب سيكون مع النبي عند الحوض وهو الذي سيقول: إنك لا تدري ما أحدثوا بعدك. وبعد أن أخبرت الآيات عن مكان المنافقين يوم القيامة استثنت الذين تابوا منهم وبينت أن طريق التوبة الخاص بهم له علامات وهو قوله تعالى: