فإن لمعاوية جرأة وهو في أهل الشام يسمع منه. ولك حجة في إثباته كان عمر بن الخطاب قد ولاه الشام كلها. فقال أمير المؤمنين: لا والله لا أستعمل معاوية يومين أبدا (1) - وفي رواية - إذا كان عمر قد مكن له فأنا لن أمكن له أبدا.
ولم تكن عملية عزل جميع الولاة عملية سهلة. فعندما فرق أمير المؤمنين عماله على الأمصار على امتداد عام 36 ه كان منهم من يتسلم عمله بهدوء ولكن على أرضية افتراق الناس. فرقة مع تيار بني أمية وفرقة مع جماعة المسلمين. حدث هذا في البصرة وفي مصر (2)، أما أهل الكوفة فإن الغالبية العظمى تمسكوا بأميرهم وأعلنوا بأنهم لا يريدون بأميرهم بدلا وكتب أبو موسى إلى أمير المؤمنين بطاعة أهل الكوفة وبيعتهم وبين الكاره منهم للذي كان والراضي بالذي كان (3)، وأبو موسى نفسه كان في مستقر النفس وهو يكتب هذا لأمير المؤمنين - وسوف نرى بعد ذلك. كيف كان يضع العقبات في طريق أمير المؤمنين ورأي أمير المؤمنين وعمار فيه. وكانت بقية الأمصار في طاعة أمير المؤمنين ولكن هذه الطاعة تقف على أرضية الخوف من الماضي وطمعا فيما عنده من كنوز. لأنها لا تعرف الحاضر وما حوله من توبة.
. قرار التسوية في الأموال:
عن ابن عباس قال: إن عليا خطب في اليوم الثاني من بيعته بالمدينة فقال:
ألا إن كل قطيعة أقطعها عثمان. وكل مال أعطاه من مال الله، فهو مردود في بيت المال. فإن الحق القديم لا يبطله شئ. ولو وجدته قد تزوج به النساء. وفرق في البلدان لرددته إلى حاله فإن في العدل سعة ومن ضاق عليه الحق فالجور عليه أضيق. قال ابن أبي الحديد: وتفسير هذا الكلام أن الوالي إذا ضاقت عليه تدبيرات أموره في العدل. فهي في الجور أضيق عليه. لأن الجائر في مظنة أن