الطاهرين (1).
ومن هذا العهد نرى أن الإمام كان يختار الولاة وفقا لقاعدة لا يحبه إلا مؤمن ولا يبغضه إلا منافق ثم يزوده بالتعليمات التي تسوق الناس إلى صراط الله المستقيم. ويراقبه بعيون ليس لها مصلحة إلا ابتغاء مرضاة الله. فإن أخطأ الوالي شهد عليه من لا شبهة فيه عند الإمام وعند الناس. ومن هذا كله علمنا أن الإمارة لم تكن في عهد الإمام وجاهة ونبالة وقتلا من أجل مزيد من الخراج.
ولكنها كانت مهمة ترفق بالإنسان لتكون فطرته مهيأة لاستقبال النور. ولقد رأينا من قبل كيف كان الإمام يوصي عماله على الصدقة بالرحمة بالحيوان وأن لا يحول بين ناقة وبين فصيلها. ولا يجهدنها ركوبا وليعدل بين صواحباتها في ذلك وبينها. إلى غير ذلك، فالرحمة كانت عنوانا أصيلا يقف الإنسان تحت ظله شامخا بإنسانيته. وروي عن الإمام أنه قال: " من كانت له إلي فيكم حاجة.
فليرفعها في كتاب. لأصون وجوهكم من المسألة (2). وبهذا تعبر المشاعر الإنسانية جسورا بزاد الرضى وهي تسلك طريقها إلى ربها.
0 قرار رواية العلم ومنع القص:
لم يأت قرار رواية العلم إلا بعد أن وقف الإمام علي على باب مدينة العلم. روي أنه في أول خلافته خطب فأرشد الناس إلى كتاب الله وقال: " إن الله تعالى سبحانه أنزل كتابا هاديا بين فيه الخير والشر. فخذوا نهج الخير تهتدوا.
واصرفوا عن سمت الشر (3) تقصدوا (4). الفرائض الفرائض. أدوها إلى الله تودكم إلى الجنة. إن الله حرم حراما غير مجهول. وأحل حلالا غير مدخول.
وفضل حرمة المسلم على الحرم كلها. وشد بالإخلاص والتوحيد حقوق