في ذاكرتهم أي منقبة لأهل البيت وربما كان في ذاكرتهم تشويش على أهل البيت ويظهر هذا في قولهم إن عمارا لا يفارق عليا. وحذيفة قد فطن لهذا الأمر برده الجامع الشامل. ولم يكن هؤلاء فقط الذين ذهبوا إلى حذيفة ولكن هناك آخرين ذهبوا إلى حذيفة فقال لهم: انظروا إلى الفرقة التي تدعو إلى أمر علي فالزموها فإنها على الهدى (1). ومما يذكر أن حذيفة كان بالكوفة عند مبايعة الناس لعلي، وعندما علم بمبايعة الناس قال: أخرجوني وادعوا الصلاة جامعة. فوضع على المنبر فحمد الله وأثنى عليه وصلى على النبي وآله ثم قال: أيها الناس. إن الناس قد بايعوا عليا فعليكم بتقوى الله وانصروا عليا ووازروه فوالله إنه لعلى الحق آخرا وأولا وإنه لخير من مضى بعد نبيكم ومن بقي إلى يوم القيامة - ثم أطبق يمينه على يساره ثم قال: اللهم اشهد أني قد بايعت عليا. الحمد الله الذي أبقاني إلى هذا اليوم. ثم قال لابنيه صفوان وسعيد احملاني وكونا معه فستكون له حروب كثيرة فيهلك فيها خلق من الناس. فاجتهدوا أن تستشهدا معه فإنه والله على الحق ومن خالفه على باطل. ومات حذيفة بعد هذا اليوم بسبعة أيام (2) وقال صاحب فتح الباري: بايع حذيفة لعلي وكان حريصا على المبايعة له والقيام في نصره (3) وقال ابن الأثير: قتل ابناه صفوان وسعيد مع علي بصفين بوصية أبيهما (4).
ولم يكتف حذيقة رضي الله عنه بندائه وهو مريض. وإنما أطلقه أيضا عند الموت، فعن بلال بن يحيى قال: لما حضر حذيفة الموت قال لنا: أوصيكم بتقوى الله والطاعة لأمير المؤمنين علي بن أبي طالب (5)، وأغمض حذيفة عينيه في هدوء وصعدت روحه إلى بارئها. ولقد ترك لنا رواياته في الفتن وغيرها والتي بدونها ما كان الباحث أن يصل إلى الحقيقة بسهولة ويسر. فجزاه الله عنا خير الجزاء. وبعد رحيل حذيفة لم يقف النداء. فكما سمعه أهل العراق سمعه