أن نفهم قول البخاري: إن عبد الرحمن بن عوف كان يخشى من علي بن أبي طالب شيئا.
2 - رياح بني أمية:
كانت أشرف خصال قريش في الجاهلية: اللواء والندوة والسقاية والرفادة وزمزم والحجابة، وهذه الخصال مقسومة في الجاهلية إلى: بني هاشم وعبد الدار وعبد العزى دون بني عبد شمس. على أن معظم ذلك صار في الإسلام إلى بني هاشم، لأن النبي صلى الله عليه وسلم لما فتح مكة صار مفتاح الكعبة بيده، فدفعه إلى عثمان بن طلحة، فالشرف راجع إلى من ملك المفتاح لا إلى من دفع إليه (1). وكان بنو عبد شمس في الجاهلية من ألد أعداء بني هاشم، وازداد هذا العداء حدة بعد بعثة النبي صلى الله عليه وسلم حيث قاد أبو سفيان ابن حرب بن أمية بن عبد شمس الحرب ضد محمد بن عبد الله بن عبد المطلب بن هاشم صلى الله عليه وسلم. وهذه الحرب لها جذور قديمة لم يقض عليها الإسلام فضلا على أسباب تتعلق بالإسلام ودعوته، ولهذا يمكن أن نفهم وصية أبي سفيان وهو يأمر معاوية بأن يطيع عمر فيقول له: فلا تخالفهم فإنك تجري إلى أمد فنافس فإن بلغته أورثته عقبك (2). وقوله في عهد عثمان كما جاء في مروج الذهب: يا بني أمية تلقفوها تلقف الكرة فوالذي يحلف به أبو سفيان ما زلت أرجوها لكم ولتصيرن إلى صبيانكم وراثة. ثم وقوفه على قبر حمزة وقوله: يا أبا عمارة إن الأمر الذي اجتدلنا عليه أمس صار في يد غلماننا اليوم يتلعبون به (3). وذلك بعد أن تجول أمراء بني أمية في الأمصار وراء الخراج. فأبو سفيان لم يكن يريد لعقة وإنما كان يريد الاستمرارية على مدى الأيام والدهور، وهذا من الكبر وبطر الحق ويظهر شدة الخصومة، ولذا نجد