1 - من معالم الغروب:
بينا فيما سبق أن الصحابة قوم من الناس. لهم ما للناس وعليهم ما عليهم. ليس لهم على غيرهم من المسلمين كبير فضل إلا بمشاهدة الرسول ومعاصرته لا غير. بل وربما كانت ذنوبهم أفحش من ذنوب غيرهم. لأنهم شاهدوا الأعلام والمعجزات. ويكفي أن فيهم اثنى عشر رجلا حربا لله ولرسوله في الحياة الدنيا. وإن فيهم أصحاب المسجد الضرار. وفيهم من قال فيهم عمر بن الخطاب عندما استأذنه الزبير في الغزو: ها أنا ممسك بباب هذا الشعب أن يتفرق أصحاب محمد في الناس فيضلوهم. وسنذكر بعض الآيات الكريمة.
التي تبين حاله صلى الله عليه وسلم مع أصحابه كيف كانت. وقد بينا ذلك ونحن نتحدث عن دائرة الرجس والذين في قلوبهم مرض لأن هؤلاء هم أصحاب المصلحة في عرقلة الطريق وإضلال الناس. وهؤلاء كان لهم موقف ثابت من الرسول ودعوته على امتداد الزمان. وبما أن علي بن أبي طالب أقرب الناس إلى الرسول صلى الله عليه وسلم فإنه أخذ القسط الأكبر من العداء ووضع العراقيل أمام خطاه. ونحن لن نعرف حجم هذه العراقيل. إلا إذا وضعنا أيدينا على طبيعة القوم في عهد النبوة. فتخاذلهم وحبهم للدنيا والرسول في وسطهم.
يفسح الطريق لفهم تخاذلهم وحبهم للدنيا عندما جاء دور علي بن أبي طالب.
وآيات تخاذلهم في الحروب كثيرة في كتاب الله. فالقرآن يشهد بأنهم التووا عليه صلى الله عليه وسلم يوم بدر وكرهوا لقاء العدو حتى خيف خذلانهم وذلك قبل أن تتراءى الفئتان. قال تعالى: (كما أخرجك ربك من بيتك بالحق وإن فريقا من المؤمنين لكارهون * يجادلونك في الحق بعدما تبين لهم كأنما يساقون إلى الموت وهم ينظرون) (1)، قال المفسرون: المعنى: إن الله تعالى حكم في أمر الأنفال بالحق مع كراهتهم لحكمه. كما أخرجك من بيتك بالمدينة إخراجا يصاحب الحق. والحال أن فريقا من المؤمنين لكارهون لذلك ينازعونك في الحق بعدما تبين لهم إجمالا. والحال إنهم يشبهون جماعة يساقون إلى