ثانيا - أضواء على اختيار الله لعلي:
لقد كان للصحابة مناقب، ولكن مناقب علي بن أبي طالب فاقت جميع المناقب. لأن طرفها الآخر كان الله ورسوله. وكان وراء المناقب هدف من ورائه حكمة سنتركها لفطنة القارئ.
روى الطبراني عن جابر. لما سأل أهل قباء النبي صلى الله عليه وسلم أن يبني لهم مسجدا، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " ليقم بعضكم فيركب فحركها فلم تنبعث. فرجع فقعد. فقام علي. فلما وضع رجله في غرز الركاب وثبت به. قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: يا علي ارخ زمامها وأبنوا على مدارها فإنها مأمورة (1).
والذي نشير إليه في هذا الحديث أن الناقة مأمورة. وأن الذي أمرها هو خالقها. وعن زيد بن أرقم قال: كان لنفر من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم أبواب شارعة في المسجد. فقال يوما: سدوا هذه الأبواب إلا باب علي.
فتكلم في ذلك الناس. فقام رسول الله صلى الله عليه وسلم. فحمد الله وأثنى عليه ثم قال: أما بعد فإني أمرت بسد هذه الأبواب إلا باب علي. وقال فيه قائلكم وأني والله ما سددت شيئا ولا فتحته. ولكني أمرت بشئ فاتبعته (2).
وفي رواية عن ابن عباس قال صلى الله عليه وسلم: " ما أخرجتكم من قبل نفسي. ولا أنا تركته. ولكن الله أخرجكم وتركه إنما أنا عبد مأمور. ما أمرت به فعلت. إن اتبع إلا ما يوحى إلي " (3).