دمه النصيب الأكبر من غنائم إفريقيا بأمر من عثمان الذي كان يستفتي كعب الأحبار فيما يجوز للخليفة أن يأخذه من بيت المال. وروي أن كعبا عندما أفتاه قال أبو ذر لكعب: يا بن اليهوديين أتعلمنا ديننا. وعندئذ قال له عثمان: يا أبا ذر قد كثر أذاك لي وتولعك بأصحابي (1).
ومن نتائج هذا كله بهتت مناقب أهل البيت، وإذا كانت المناقب تشع في أذهان البعض. فإنها أخذت عند البعض الآخر تأويلا آخر فوضعوهم في دائرة (البركة والمشايخ) أي الدائرة التي لا علاقة لها بالقيادة. وحتى هذه الدائرة لم تدم لأهل البيت فيوم الشورى الذي جعل عمر الخلافة فيه في ستة نفر، كانت دائرة الشيوخ لا يوجد فيها بني هاشم وحدهم فلقد دخلها أبناء عبد شمس وغيرهم. ومن المعروف أن أبناء عبد شمس - وبنو أمية هم أشهر فروعهم - لم يكن لهم نصيب في أشرف خصال قريش في الجاهلية وهي: اللواء والندوة والسقاية والرفادة وزمزم والحجابة. وبعد الشورى استحوذ بنو أمية على كل مال على الرغم من أن النبي صلى الله عليه وسلم قد حذر منهم إذا ركبوا الأمة.
ولكن هذا التخدير لم يكن له وجود واسع بعد وفاة النبي صلى الله عليه وآله وسلم. وركب بنو أمية رقبة الأمة يوم الشورى وعملوا من أجل أن يكون الملك فيهم تعويضا لإبعادهم في الجاهلية والإسلام. وعلى امتداد حكم عثمان كانت هناك ثقافات أموية يشرف عليها أمراء عثمان ومنهم معاوية الذي قال في الشام وهو يخاطب الذين سيرهم عثمان " قد عرفت قريش أن أبا سفيان كان أكرمها وابن أكرمها... وأن أبا سفيان لو ولد الناس لم يلد إلا حازما ".
يستفاد من هذا كله أن هناك فتنة في المقدمة، وهذه الفتنة حذر القرآن منها والنبي صلى الله عليه وسلم لم يفارق الدنيا إلا وبين كل شئ. وهذه الفتنة يشهد كل قارئ للتاريخ أن نتائجها كانت بجميع المقاييس كارثة فالأمة الواحدة اختلفت وافترقت وذهب ريحها. والجميع في كل دروب الاختلاف والافتراق يقرأون كتاب الله وكل منهم يدعي أن الحق معه وغيره الباطل. ومرجع ذلك في