عثمان. فأشرف عليه عثمان من أعلى داره. فذكره الشيخ لما اعتزلهم. فبينما هو يراجعه الكلام إذ رماه رجل من أصحاب عثمان فقتله بسهم. وقيل إن الذي رماه كثير بن الصلت الكندي. فقالوا لعثمان عند ذلك: إدفع إلينا قاتل نيار بن عياص فلنقتله به. فقال لهم: لم أكن لأقتل رجلا نصرتي وأنتم تريدون قتلي. فلما رأوا ذلك ثاروا إلى بابه فأحرقوه وخرج عليهم مروان بن الحكم وسعيد بن العاص والمغيرة بن الأخنس كل منهم في عصابة فاقتتلوا قتالا شديدا. وكان الذي حداهم على القتال أنه بلغهم أنه مددا من أهل البصرة وأن أهل الشام قد توجهوا مقبلين (1). ولم يكن هذا قد حدث لأن معاوية كان في شغل.
وعلى هذا نقول: إن الخدعة في البداية كانت من عند بني أمية يوم أن بعثوا برسالتهم إلى ابن أبي السرح ليقتل المصريين. وإن أول قطرة دم في الأحداث كانت على أيدي بني أمية يوم أن قتلوا نيار بن عياص. قال في الإصابة: كان نيار من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو ممن كلم عثمان في حصره وناشده الله. وقتله بعض أتباع عثمان. وقالوا: وهذا أول مقتول في ذلك الوقت (2). ونحن قد ذكرنا في بداية حديثنا عند بني أمية حديث الألف شهر وهو حديث صحيح ولكن بعض العلماء قد حكم بأنه منكر وذلك لكون مدة حكم عثمان داخلة في مدة حكم بني أمية. وسبب إنكارهم أنهم قالوا إن هذا لا يجوز لأن عثمان خليفة راشد كانت الملائكة تستحي منه. وقد سئل الحافظ السخاوي عن المواطن التي استحيت فيها الملائكة من عثمان فقال: لم أقف عليها في حديث يعتمد (3). ومن الأحداث التي دارت ومن الفتن التي خلفتها من ورائها يمكن القول بارتياح شديد إن الحديث المروي عن النبي حديث صحيح سندا ومتنا ومعنى.
وقتل عثمان. وروى الطبري وغيره: أن عثمان نبذ ثلاثة أيام لا يدفن. وقد