كلم الناس عليا في ذلك فتدخل وأذن لأهله أن يدفنوه. فلما سمع الناس ذلك قعدوا له في الطريق بالحجارة. وعندما شاهد الناس السرير الذي يحمل عثمان رجموا السرير وهموا بطرحه. فبلغ ذلك عليا فأرسل إليهم يعزم عليهم ليكفن عنه ففعلوا. وانطلق به أهله. وأرادوا أن يصلوا عليه في موضع الجنازات فأبت الأنصار. وأرادوا أن يدفنوه بالبقيع فمنعوا أيضا من ذلك. وقالوا: لا يدفن في مقابر المسلمين. فدفنوه في حش كوكب كانت اليهود تدفن فيه موتاهم. فلما ظهر معاوية بن أبي سفيان. أدخل هذا الحش في البقيع فهو اليوم مقبرة بني أمية (1).
وفي الختام. إن الجيل الأول هو الذي حكم بفشل تجربة الرأي التي انطلقت من دائرة المصلحة العامة. الجيل الأول هو الذي اعترض على بطانة السوء التي دخلت من باب إلغاء سهم المؤلفة وتأمير المنافقين. والجيل الأول هو الذي اعترض على توزيع الفئ الذي دخل من باب الخراجة. باختصار اعترض الجيل الأول على قوائم النظام الاقتصادية والإدارية والتربوية. التي عبر عنها الوليد بن عقبة. فكيف حدث هذا بعد مضي ربع قرن تقريبا من وفاة النبي صلى الله عليه وسلم؟ هل خرج الناس على ما وضعه النبي أم أنهم خرجوا على شئ حذر منه النبي؟ ثم إذا كانوا قد خرجوا على ما حذر منه النبي فكيف دخل إليهم المحظور ولماذا؟ أخشى أن يقال إن الذي حدث كان قصورا في التطبيق. لأن الذين قاموا بالتطبيق صحابة عدول ثقات ولن يأتي على مر الزمان خير منهم. فإذا كان هؤلاء لم يصيبوا التطبيق الصحيح فكيف بمن دونهم. إن الذي يمكن أن يقال في هذا الموضع وإنهم أخطأوا التأويل الصحيح. لأن التأويل الصحيح له رجال يمكن أن يقاتلوا على تأويل القرآن كما قاتل النبي صلى الله عليه وسلم على تنزيله.