أهل صنعاء أمه سوداء، فأسلم زمان عثمان ثم تنقل في بلدان المسلمين يحاول ضلالتهم، فبدأ بالحجاز ثم الكوفة ثم الشام، فلم يقدر على ما يريد أحد من أهل الشام، فأخرجوه حتى أتى مصر فاعتمر فيهم (1).
ولا ندري إذا كان ابن سبأ معروف لأهل الشام حتى أنهم أخرجوه. فلماذا لم يقتله معاوية وهو الذي قتل حجر بن عدي بعد ذلك تحت دعوى أنه خطر على النظام. أو لماذا لم يسيره إلى عثمان وهو الذي كتب إليه من قبل أن أهل الكوفة يتحدثون بألسنة الشياطين وأنه غير أمن إن قاموا وسط أهل الشام أن يغروهم بسحرهم وفجورهم؟! وإذا فرضنا أنه لم يستطع القبض عليه لهروبه، فلماذا لم يقبض عليه أي أمير من أمراء الدولة، وهم أصحاب العيون المفتوحة على كل ما يهدد أمنهم؟ ولماذا لم يظهر ابن سبأ يوم قتل عثمان ضمن المجموعة التي اغتالته. وإذا كان كارها لعثمان لماذا لم نسمع له اسما في معارك علي بن أبي طالب كلها. ثم لماذا لم يبحث عنه معاوية يوم أن جلس على رقبة الأمة، وهو الذي كان يبحث عن المعارضين تحت كل حجر، وأتى بعمرو بن الحمق وقطع رأسه وأهداها إلى زوجة عمرو، فكان أول رأس أهدي في الإسلام؟
ونحن إذا نظرنا في العمود الفقري للدعوة التي قام بها عبد الله بن سبأ نرى العجب، جاء في تاريخ الطبري: قال ابن سبأ لهم: إنه كان ألف نبي، ولكل نبي وصي، وكان علي وصي محمد. وقال: محمد خاتم النبيين، وعلي خاتم الأوصياء. وقال: من أظلم ممن لم يجز وصية رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، ووثب على وصي رسول الله صلى الله عليه وسلم، وتناول أمر الأمة. وقال: إن عثمان أخذها بغير حق وهذا وصي رسول الله، فانهضوا في هذا الأمر فحركوه وأبدوا الطعن على أمرائكم وأظهروا الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر " (2). هذه دعوة الشخصية الخرافية المنبوذة جعلوها على لسانه لتكون دعوة خرافية منبوذة، أو في عالمهم وعصرهم أوهموا الناس وقفا لسياسة