وعمرا، وعندما قدموا عليه قال: ويحكم ما هذه الشكاية وما هذه الإذاعة، إني والله لخائف أن تكونوا مصدوقا عليكم وما يعصب هذا إلا بي (1).
ومن العجيب أنهم أصروا على وجود إذاعة ضده، على الرغم من أن الذين بعث بهم عثمان إلى الأمصار نفوا ذلك. وعندما أخبرهم عثمان بما انتهى إليه قالوا: لا والله ما صدقوا ولا بروا، وإن ما نقل إليك لا يحل الأخذ به ولا الانتهاء إليه، ثم أكدوا الإذاعة ضده. فقال سعيد بن العاص: هذا أمر مصنوع يصنع في السر فيلقى به غير ذي معرفة، فيخبر به فيتحدث به في مجالسهم. قال عثمان: فما دواء ذلك؟ قال: طلب هؤلاء القوم ثم قتل هؤلاء الذين يخرجه هذا من عندهم (2). لقد أراد أن يلقي بمزيد من الزيت على النار، وأشار كل واحد منهم بمشورة لا تستقيم مع كون الأمة أمة واحدة، وقال عثمان: كل ما أشرتم به علي قد سمعت ولكل أمر باب يؤتى منه (3). وبعد هذا اللقاء حدث أمر هام يلقي بظلاله على المسيرة بعد ذلك، فلقد روي أن عثمان بعد هذا اللقاء خرج وكان يسير خلفه كعب الأحبار، ولا ندري ما هو دور كعب في هذا اللقاء الذي كان قريبا منه، ولكن الذي نعلمه أن كعبا كان بعد فتح بيت المقدس يقيم بالشام عند معاوية، وكان كثير الانتقال بين الشام وبين المدينة، وأن معاوية أمره بالقص في المساجد بالشام، ثم اتخذه مستشارا له وكان يعده من العلماء، روي بعد خروج عثمان رجز الحادي:
قد علمت ضوامر المطي * وضمرات عوج القسي أن الأمير بعده علي * وفي الزبير خلف رضي فقال كعب وهو يسير خلف عثمان. الأمير والله بعده صاحب البلغة وأشار إلى معاوية، وروي أن كعبا قال عندما سمع الشعر: كذبت صاحب الشهباء بعده - يعني معاوية - وعندما أخبر معاوية بما قاله كعب سأله، فقال كعب: نعم