الحبس في أرض العدو. وهذه أمور نهى عنها الشرع (1). أما سعيد بن العاص فقال: إن لكل قوم قادة متى تهلك يتفرقوا ولا يجتمع لهم أمر. فقال عثمان: إن هذا الرأي! لولا ما فيه (2)! أما معاوية فقال: الرأي أن تأمر أمراء أجنادك فيكفيك كل رجل منهم ما قبله وأكفيك أنا أهل الشام (3). لقد أراد معاوية أن تجري في الأمصار بحور الدماء، ولم لا وهم في أيديهم المال والسلاح والجند.
أما عبد الله ابن أبي السرح فقال: إن الناس أهل طمع فأعطهم من هذا المال تعطف عليك قلوبهم (4). وهذا الرأي يعني التلويح بالرغيف والزخرف لشراء الدين والنفوس. أما عمرو بن العاص فقال: إنك قد ركبت الناس بما يكرهون، فاعتزم أن تعتدل، فإن أبيت فاعتزم أن تعتزل، فإن أبيت فاعتزم عزما وامضي قدما. فقال عثمان: ما لك قمل فروك. أهذا الجد منك. فسكت عمرو. وعندما تفرق القوم قال: يا أمير المؤمنين قد علمت أنه سيبلغ الناس قول كل رجل منا، فأردت أن يبلغهم قولي فيثقوا بي فأقود إليك خيرا أو أدفع عنك شرا (5).
إن هذا الاجتماع الذي رواه غير واحد من أصحاب التاريخ. هو المقدمة الأولى التي قامت على عثمان فقرارات غرفة المشورة هذه أشعلت النيران لحسابها الخاص، وذلك بعد أن تمكن المال من نفوسهم، قال النبي صلى الله عليه وسلم: " لا تزال أمتي على الفطرة ما لم يتخذوا الأمانة مغنما والزكاة مغرما " (6). فأصحاب المشورة الذين شاورهم عثمان هم المقدمة الأولى لقيادة فاسدة الفطرة، لأن المال والجاه والترف هو رأس الزاوية لتحركاتهم. وروي أن عثمان بعد هذا الاجتماع قرر أن يضيق الأمراء على من قبلهم، وأن يجمروا الناس في البعوث، وعزم على تحريم أعطياتهم ليطيعوه ويحتاجوا