إليه (1). ولم يمض عام 34 ه حتى كتب أصحاب النبي صلى الله عليه وآله وسلم بعضهم إلى بعض: أن اقدموا فإن كنتم تريدون الجهاد فعندنا الجهاد، وكثر الناس على عثمان ونالوا منه أقبح ما نيل من أحد (2). وأمام هذه التحولات خطب عثمان في الناس: فقد والله عبتم علي بما أقررتم لابن الخطاب بمثله، ولكنه وطئكم برجله وضربكم بيده وقمعكم بلسانه، فدنتم له ما أحببتم أو كرهتم، ولنت لكم وأوطأت لكم كتفي ولقفت يدي ولساني عنكم فاجترأتم علي، أما والله لأنا أعز نفرا وأقرب ناصرا وأكثر عددا وأمن إن قلت هلم أتى إلي، ولقد أعددت لكم أقرانكم وأفضلت عليكم فضولا وكشرت لكم عن نابي، فكفوا عليكم وطعنكم وعيبكم على ولاتكم، فإني قد كففت عنكم من لو كان هو الذي يكلمكم لرضيتم منه بدون منطقي هذا إلا فما تفقدون من حقكم والله ما قصرت في بلوغ ما كان يبلغ من كان قبلي، ومن لم تكونوا تختلفون عليه (3).
فأمام الزحف الساخط على الأمراء، كشر عثمان عن نابه وأمر بالكف عن الطعن على الولاة، وأخبر أن عمر بن الخطاب كان يطؤهم برجله ويضربهم بيده ويقرعهم بلسانه، وعثمان لا يختلف عن عمر لأن عثمان يمسك بذيل عمر في كيفية تولية الأمراء وتوزيع المال. وإذا كانت الثورة قد جاءت لأن عثمان قد لان لهم وكف يده عنهم، فلا، لأنه أعز نفرا وأقرب ناصرا وأكثر عددا. فهذا مجمل خطاب عثمان أثناء العاصفة. وترتب على ذلك أن أهل الكوفة خرجوا على أميرهم سعيد بن العاص بالسلاح وردوه إلى عثمان وقالوا: لا والله لا يلي علينا حكما ما حملنا سيوفنا (4). ولم تجدي أنياب الدولة أمام هذا الموقف شيئا، وبعث عثمان بأبي موسى أميرا عليهم فأقروه (5).