الأسماع، رغبة منه في إيجاد رأي عام يؤيد ما تراه السياسة حقيقة أو خرافة.
ولقد قال غير واحد من الباحثين إن شخصية ابن سبأ لا وجود لها في التاريخ (1). ولم يذكر ابن سبأ في العديد من الكتب التي سبقت تاريخ الطبري ومنها كتاب مروج الذهب للمسعودي.
ومما سبق نعلم أن الساحة كان بها أكثر من تيار ضد عثمان. فتيار كان يعمل من أجل تغيير الأمراء في الأمصار، وتيار كان يرى أن عثمان مسؤول مسؤولية مباشرة عن سياسة الأمراء، ونقموا منها أشياء منها: إرجاعه للحكم بن أبي العاص الذي لعنه رسول الله ونفاه وغير ذلك، وهذا التيار كان يريد خلع عثمان ليتولى السلطة أحد غيره. وكان هناك تيار يريد أن يعود إلى الأمر الأول الذي في دائرته علي بن أبي طالب، وذلك بعد أن فشلت أطروحة الاجتهاد والرأي في قيادة الأمة، وخلفت وراءها أمراء النفاق والفتن وطبقات من النبلاء، وأخرى من المحرومين، ومدونات من الشعر والقص. وهذا التيار حكمنا بوجوده وفقا لأطروحة ابن سبأ فلو لم يكن له وجود ما اخترعوا له شخصية ابن سبأ، وبالأخص أننا لم نقرأ نصا واحدا ينادي بعلي بن أبي طالب حول بيت عثمان يوم حصاره. والذي قرأناه أن هناك من كان ينادي بطلحة، وليس معنى عدم وجود أصوات لعلي ومؤيدين له يصرخون ويولولون حول بيت عثمان أن عليا كان وحده، ويكفي علي أن يكون معه عمار، وأبو أيوب الأنصاري، وحذيفة، وأبو قتادة، وبريدة، وزيد بن أرقم، وعمران بن حصين، والبراء بن عازب، وزيد بن صوحان، وغير هؤلاء رضي الله عنهم أجمعين، وروي أن الصحابة أشاروا على عثمان بأن يرسل من يثور به إلى الأمصار كي يتبين حقيقة الأمور، فأخذ عثمان بهذه المشورة وبعث برجال إلى الأمصار كي يقفوا على حقيقة الإذاعة ضده وموقف الأمراء من الرعية. وعندما عادوا أخبروه بعدم وجود إذاعة ضده إلا أن الأمراء يظلمون الناس، فبعث عثمان إلى عمال الأمصار، معاوية، وابن عامر، وابن أبي السرح، وأدخل معهم في المشورة سعيدا،