وخطيب، هؤلاء طردهم عثمان لأنهم تصدوا لمن هم من أمثال الوليد وسعيد ومعاوية إلى غير ذلك من نبلاء بني أمية. لقد سيرهم إلى الشام وهناك بدأ معاوية يعرفهم بتاريخ آبائه بعد أن قطعت المسيرة شوطا كبيرا على طريق اللارواية.
فقال لهم:... وقد عرفت قريش أن أبا سفيان كان أكرمها إلا ما جعل الله لنبيه صلى الله عليه وآله... وإني لأظن أن أبا سفيان لو ولد الناس لم يلد إلا حازما (1). وفي سباق الأحداث يبدو أن معاوية كان يمهد الأمر لنفسه بهذه المقولة وكان يطمع في نشرها كما سيظهر فيما بعد. ولكن أحد المبعدين وهو صعصعة قال: قد ولدهم خير من أبي سفيان من خلقه الله بيده ونفخ فيه من روحه (2). وفي الليلة التالية جمعهم معاوية وقال لهم: أيها القوم ردوا علي خيرا أو اسكتوا، وتفكروا وانظروا فيما ينفعكم وينفع أهليكم وينفع عشائركم وينفع جماعة المسلمين فاطلبوه تعيشوا ونعش بكم (3). وهنا لوح معاوية بالمال ولكن صعصعة قال: لست بأهل ذلك ولا كرامة لك إن تطاع في معصية الله. فأخبره معاوية بأنه يأمر بتقوى الله وطاعته وطاعة رسوله. فقال صعصعة: فأما نأمرك أن تعتزل عملك فإن في المسلمين من هو أحق به منك. قال معاوية: من هو؟
فقال: من كان أبوه أحسن قدما من أبيك، وهو بنفسه أحسن قدما منك في الإسلام، قال معاوية: إن لي في الإسلام قدما، ولقد رأى عمر بن الخطاب ذلك، فلو كان غيري أقوى مني لم يكن لي عند عمر هوادة، فقالوا: لست لذلك أهلا (4).
كتب معاوية إلى عثمان: فإنك بعثت إلي أقواما يتكلمون بألسنة الشياطين، وما يملون عليهم ويأتون الناس زعموا من قبل القرآن فيشبهون على الناس، وليس كل الناس يعلم ما يريدون وإنما يريدون فرقة، فقد أفسدوا كثيرا من الناس من أهل الكوفة، ولست آمن إن قاموا وسط أهل الشام أن يغروهم بسحرهم