لنبلاء قريش. وإنما المعنى أن يسمع ويطيع لهم عند قرارهم بنفيه وتسييره كي تنتقل الحجة من مكان إلى مكان دون عوائق يضعها أمام نفسه.
وعندما بلغ سلعا، وهي العلامة التي سينطلق عندها أبو ذر بدأت المحن.
فلقد قام أبو ذر بإنذار الذين يكنزون الذهب والفضة. وبدأت القيادة في المدينة المنورة تضيق على عثمان. فعن الأحنف بن قيس قال: كنت بالمدينة فإذا برجل يفر الناس منه حين يرونه. قلت: من أنت؟ قال: أنا أبو ذر صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم قلت: ما يفر الناس؟ قال: إني أنهاهم عن الكنوز بالذي كان ينهاهم عنه رسول الله صلى الله عليه وسلم (1).
أبو ذر لمن حضر: أحدثكم إني سمعت هذا من رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم تتهمونني. ما كنت أظن أني أعيش حتى أسمع هذا من أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم (2). وعندما وجدت الدولة أن أبا ذر بدأ يضرب في الاتجاه الآخر، وأنه سيبعث رواية الأحاديث من جديد وستظهر الحقائق، زادت من أعطية الناس حتى تغطي هذه الزيادة على عنوان " مال الله دولا " الذي ورد في الحديث. ولكن أبا ذر مضى في طريقه يحذر من نبلاء قريش، فقال له رجل:
إن أعطياتنا قد ارتفعت اليوم وبلغت، هل تخاف علينا شيئا؟ قال: أما اليوم فلا.
ولكنها توشك أن تكون أثمان دينكم فدعوها وإياكم (3).
وانتهى الأمر بإخراج أبي ذر إلى الربذة واستقبل أبو ذر هذا القرار بالرضا التام، لأنه سمع النبي صلى الله عليه وسلم يقول: ليموتن رجل منكم بفلاة من الأرض يشهده عصابة من المؤمنين " (4). وبينما أبو ذر يستعد للخروج قال له رجل: أنت أبو ذر؟ قال: نعم، قال: لولا أنك رجل سوء ما أخرجت من