في ابنه يزيد قال له أبو سفيان: يا أمير المؤمنين من وليت مكانه؟ قال: أخوه معاوية، فقال أبو سفيان: وصلت رحما يا أمير المؤمنين - وفي رواية - قال أبو سفيان: فمن بعثت على عمله؟ قال عمر: معاوية أخاه! إبنان مصلحان وإنه لا يحل لنا أن ننزع مصلحا (1).
وبعد أن ركب معاوية على الكرسي جاءته رسالة من أبيه وأخرى من أمه.
قال له أبوه: يا بني إن هؤلاء الرهط من المهاجرين سبقونا وتأخرنا فرفعهم سبقهم وقصر بنا تأخيرنا فصاروا قادة وسادة. وصرنا أتباعا وقد ولوك جسيما من أمورهم فلا تخالفهم فإنك تجري إلى أمد فنافس فإن بلغته أورثته عقلك!!
وقالت له أمه في رسالتها: والله يا بني إنه قل أن تلد حرة مثلك وإن هذا الرجل قد استنهضك في هذا الأمر فاعمل بطاعته فيما أحببت وكرهت (2).
ولقد أخذ معاوية بالنصيحة. روي لما قدم عمر إلى الشام تلقاه معاوية في موكب عظيم. فلما دنا من عمر قال له: أنت صاحب الموكب. قال: نعم، فقال: هذا حالك مع ما بلغني من طول وقوف ذوي الحاجات ببابك لم تفعل ذلك؟ قال: يا أمير المؤمنين إنا بأرض جواسيس العدو فيها كثيرة فيجب أن نظهر من عز السلطان ما يكون عز الإسلام وأهله ويرهبون به فإن أمرتني فعلت وإن نهيتني انتهيت. فقال عمر: يا معاوية ما سألتك عن شئ إلا تركتني في مثل رواجب الفرس لئن كان ما قلت حقا إنه لرأي رأيت ولئن كان باطلا إنه لخديعة أديت، قال معاوية: فمرني يا أمير المؤمنين بما شئت، فقال: لا آمرك ولا أنهاك!! (3) وروى ابن المبارك عن أسلم مولى عمر قال: قدم علينا معاوية وهو أبيض الناس وأجملهم فخرج إلى الحج مع عمر فكان عمر ينظر إليه فيعجب منه. ثم يضع إصبعه على متن معاوية ثم يرفعها ويقول: بخ بخ. نحن إذن خير الناس إن جمع لنا خير الدنيا والآخرة فقال معاوية: يا أمير المؤمنين سأحدثك أنا