الظالمون) * (1)، فالإسلام لم يأت بأجولة من الدنانير والدراهم كي يعتنقه الناس. وإنما جاء بالكلمة والحركة التي تذكر الإنسان بمخزون الفطرة وتجعله يقرأ الوجود من حوله من منطلق التوحيد. وإذا كان الإسلام قد فرض سهما للمؤلفة قلوبهم لحكمة فإنه طالب أتباعه بأن يجاهدوا في سبيل الله بالمال والولد. فهو يعطي لهدف ويأخذ لهدف والله غني عن العالمين. وروي أنه يوم حنين أعطى النبي قريشا ولم يعط الأنصار. فحزن بعض الأنصار لذلك فقال لهم رسول الله صلى الله عليه وسلم: " إنني أعطي رجالا حديثي عهد بكفر أتألفهم أفلا ترضون أن يذهب الناس بالأموال وترجعون إلى رحالكم برسول الله. فوالله ما تنقلبون به خير مما ينقلبون به. قالوا: بلى يا رسول الله قد رضينا فقال لهم: إنكم سترون بعدي آثرة شديدة فاصبروا حتى تلقوا الله ورسوله على الحوض. قال أنس وهو الراوي للحديث: فلم نصبر (2) فالذين أخذوا المال كان المال لهم دواء من أجل أن ينتصروا على في أنفسهم. وهناك من كان يطلب من النبي أن يعطيه. وعندما رأى أنه انتصر داخل نفسه لم يسأل مالا وتركه ليكون سبيلا إلى آخر. فعن حكيم بن حزام قال: سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم فأعطاني. ثم سألته فأعطاني ثم قال لي: يا حكيم إن هذا المال خضر حلو. فمن أخذه بسخاوة نفس بورك له فيه، ومن أخذه بإشراف نفس لم يبارك فيه وكان كالذي يأكل ولا يشبع واليد العليا خير من اليد السفلى. قال حكيم فقلت: يا رسول الله والذي بعثك بالحق لا أرزأ أحد بعدك شيئا حتى أفارق الدنيا.
وهناك صنف كان النبي صلى الله عليه وسلم يعطيهم وهو يعلم أن الله ختم على قلوبهم فهم لا يؤمنون. وهؤلاء الذين قال فيهم الله تعالى: * (وسواء عليهم أأنذرتهم أم لم تنذرهم لا يؤمنون) * (3)، وهناك أيضا الذين قال فيهم