فضلا عن تدبير مصدر للإيرادات تستطيع منه سداد رواتب العاملين وغير ذلك من النفقات الملقاة على عاتقها. وإذا كنا قد تحدثنا فيما سبق عن سهم ذي القربى وسهم المؤلفة قلوبهم بأن الدولة تصرفت فيهما وفقا للمصلحة العامة، فإننا سنتحدث هنا عن الأخماس الأربعة التي فرضها الله للغانمين، وقد رأت الدولة التصرف فيها وفقا للمصلحة العامة أيضا. فلقد رأى عمر بن الخطاب أن المصلحة تقتضي عدم تقسيم الأرض على الغانمين وإبقائها في أيدي أهلها، وفرض شئ عليها يؤدي سنويا إلى بيت المال. وما أن اتخذ عمر قراره حتى انقسم المسلمون إلى فريقين فريق ينادي بقسمة الأرض بين الفاتحين، وفريق آخر يقول بقول عمر. وكان عمر يرد على المعارضين بقوله: " هذا رأيي " (1)، وروي أن بلال بن رباح وذويه قال لعمر في الأرض التي افتتحوها عنوة: اقسمها بيننا وخذ خمسها، فقال عمر: لا هنا عين المال ولكني أحبسه فيئا يجري عليهم وعلى المسلمين. قال بلال وأصحابه: اقسمها بيننا. فقال عمر: اللهم اكفني بلالا وذويه. قيل: فما حال الحول ومنهم عين تطرف (2) (!).
وعدم تقسيم عمر الأرض على الفاتحين مشهور، يقول ابن قدامة: إن عمر لم يقسم الأرض التي افتتحها. وتركها لتكون مادة لأخبار المسلمين... وقد نقلنا بعض ذلك وهو مشهور تغني شهرته عن نقله " (3)، وما قاله الفقهاء في إلغاء سهم المؤلفة قلوبهم قالوه هنا أيضا. قالوا: إن قسمة النبي صلى الله عليه وآله وسلم خيبر كانت في بدء الإسلام وشدة الحاجة! فكانت المصلحة فيه. وقد تعينت المصلحة فيما بعد ذلك في وقف الأرض فكان ذلك هو الواجب (4).
والذي رآه عمر رضي الله عنه من الامتناع عن قسمة الأرض على من افتتحها من