بأرض الحمامات والريف والشهوات. قال عمر: ما بك إلا ألطافك نفسك بأطيب الطعام وذوي الحاجات وراء الباب، فقال معاوية: يا أمير المؤمنين علمني أمتثل. فلما جئنا ذا طوى أخرج معاوية حلة فلبسها فوجد عمر فيها ريحا كأنه ريح طيب فقال، يعمد أحدكم فيخرج حاجا مقلا حتى إذا جاء أعظم بلدان الله حرمة أخرج ثوبيه كأنهما كانا في الطيب فلبسهما. فقال معاوية: إنما لبستهما لأدخل بهما على عشيرتي وقومي... فالله إني قد عرفت الحياء فيه. ثم نزع معاوية ثوبيه ولبس ثوبيه الذين أحرم فيهما (1)، لقد كان الفاروق يسأل في كل مرة عن ذي الحاجات ولكم ذكراهم كانت تغيب في ردود معاوية. والخلاصة أن معاوية كانت في ذاكرته رسائل والديه ففي كل مرة قال: مرني أمتثل! علمني أمتثل.
وعلاقة معاوية بالكرسي علاقة وطيدة. قال في الإصابة: عاش ابن هند عشرين سنة أميرا وعشرين سنة خليفة (2)، وقال صاحب الإستيعاب: هو أول من أقام المهرجان. وأول من قتل مسلما صبرا حجرا وأصحابه. وأول من أقام على رأسه حرسا. وأول من قيدت بين يديه النجائب، وأول من اتخذ الخصيان في الإسلام، وأول من بلغ درجات المنبر خمس عشر مرقاة - ليكون منبره أعلا من منبر رسول الله، وقال: أنا أول الملوك (3). وأقول هو أول من دق وتد الوراثة في الحكم. وأول من قال بعدالة الصحابة ليدخل تحت هذه العدالة ولا ينتقده أحد، وأول من رعى القبائلية حتى أثمرت في النهاية ثمرة القومية العربية.
والإسلام ينظر للإنسان كإنسان ولا فرق عنده بين عربي وبين أعجمي إلا بالتقوى. وقال الحسن البصري: أربع خصال كن في معاوية لو لم تكن فيه إلا واحدة لكانت موبقة: انتزاؤه على هذه الأمة بالسيف واستخلافه من بعده ابنه يزيد السكير الذي يلبس الحرير وادعاؤه زيادا والنبي قال: " الولد للفراش