روي عن عبد الله أنه قال: كنت أكتب كل شئ أسمعه من رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أريد حفظه فنهتني قريش. وقالوا: أتكتب كل شئ تسمعه ورسول الله صلى الله عليه وآله بشر يتكلم في الغضب والرضا. فأمسكت عن الكتابة. فذكرت ذلك لرسول الله صلى الله عليه وآله فأومئ لي شفتيه وقال: والذي نفسي بيده ما يخرج مما بينهما إلا حق فاكتب " (1).
لقد كان التدوين عقبة أمامهم. فلما جاء عهد الفاروق وهدد من يروي بالضرب والحبس وذلك لمصلحة للمسلمين لا نستطيع الوقوف عليها. ضاع ذكر القوم. وعندما أقدم الفاروق رضي الله عنه على إلغاء سهم المؤلفة قلوبهم. تجرد القوم من علامة بارزة تدل على تألفهم لضعف إيمانهم. ومع نسيان أخبارهم وضياع علامتهم انخرطوا في نسيج واحد مع الأمة دون اتخاذ الأمة لأي نوع من أنواع الحذر والحيطة تجاههم. ولكي تكتمل المأساة كذبوا على رسول الله صلى الله عليه وآله. نظرا لاحتمال تسرب حديث من الأحاديث التي ذمهم فيها النبي. وعلى سبيل المثال لقد وصفوا النبي لابن عمرو عندما كان يكتب.
بأن النبي بشر يتكلم في الغضب والرضا. ونجدهم يقولون على لسان الرسول فيما بعد: " اللهم إنما محمد بشر يغضب كما يغضب البشر. وإني اتخذت عندك عهدا لن تخلفه. فأيما مؤمن آذيته أو سببته أو جلدته فاجعلها كفارة وقربة تقربه بها إليك يوم القيامة " (2)، وهكذا جعلوا النبي مؤذيا سبابا جلادا حتى يفلتوا مما ورد فيهم. ورووا عنه أيضا أنه قال: " اللهم فأيما مؤمن سببته أو لعنته فاجعل ذلك له قربة إليك يوم القيامة " (3)، هكذا جعلوه سبابا ولعانا " هذه الأحاديث يعارضها قوله الله تعالى: * (وإنك لعلى خلق عظيم) * (4)، وقوله تعالى: * (وما