يظهر من سيرة عمر في أمرائه الذين كان يؤمرهم في البلاد أنه كان لا يراعي الأفضل في الدين فقط بل يضم إليه الذي عنده مزيد من المعرفة بالسياسة فلأجل ذلك استخلف معاوية والمغيرة بن شعبة وعمرو بن العاص مع وجود من هو أفضل منهم في أمر الدين والعلم (1).
لقد كان الطريق مفتوحا. فدخل منه رجال بكل هدوء ويسر منهم (إياس بن صبيح) قال صاحب الإصابة: كان من أصحاب مسيلمة الكذاب ثم أسلم وولاه عمر القضاء في البصرة (2)، ومنهم (طليحة بن خويلد) الذي ادعى النبوة بعد النبي صلى الله عليه وآله. أعجب عمر لكلامه ورضي عنه وكتب له بالوصاة إلى الأمراء أن يشاور (3)، وفي رواية: كتب عمر إلى النعمان بن مقرن استشر واستعن في حربك بطلحة وعمرو بن معد يكرب ولا تولهما (4)، ومنهم (ابن عدي الكلبي) قال لعمر: أنا امرؤ نصراني. قال عمر: فما تريد. قال: أريد الإسلام. فعرضه عليه فقبله. ثم دعا له برمح فعقد له على أمن أسلم. قال عوف بن خارجة: ما رأيت رجلا لم يصل صلاة أمر على جماعة من المسلمين قبله (5)، ومنهم (أبو زبيد الشاعر) كان عند أخواله من بني تغلب بالجزيرة، وبعد أن فتحها الوليد بن عقبة في خلافة عمر استعمل عمر أبا زبيد على صدقات قومه ولم يستعمل نصرانيا غيره (6)، ومنهم (كعب الأحبار) تولى عملية القص في المساجد ثم انتقل إلى الشام فجعل للقص أوتاد اتخذها القوم سنة فيما بعد (7).
ولقد كانت هناك اعتراضات على عمر بن الخطاب في توليته بعض الناس.
روي أنه لما ولي معاوية الشام قال الناس: ولي معاوية فقال لهم: لا تذكروا