بهذه الأحداث رده ثم أحرقه في النار (1)، ومن قبل رأينا خالد بن الوليد الذي وصفته الأحاديث الصحيحة أنه كان من المبغضين لعلي بن أبي طالب كيف ركب على رأس جيش وقتل مالك وأخذ ماله وتزوج زوجته. وتحت شعار حروب الردة برز عمرو بن العاص. وروي أن عمر بن الخطاب قال لأبي بكر حين شيع عمرو بن العاص: أو تزيد الناس نارا. ألا ترى ما يصنع هذا بالناس! فقال: دعه فإنما ولاه علينا رسول الله لعلمه بالحرب (2)، وغير هؤلاء كثير شربوا لبن الإمارة صغارا ثم قاتلوا من أجلها كبارا ثم جاء عهد عمر بن الخطاب فاتسعت الرقعة.
ولقد كانت الرقعة في عهد أبي بكر على مسرحها تدور الكثير من حروب الردة وبعض الفتوحات، أما في عهد عمر فعلى مسرحها دارت الفتوحات الكثيرة الواسعة. وبحجم الفتوحات كان حجم الأمراء. ومن هؤلاء الأمراء.
معاوية بن أبي سفيان، الذي أسلم هو وأبيه وأمه يوم الفتح (3)، وقال البعض: إنه أسلم بعد الحديبية وكتم إسلامه وهذا يعارضه ما ثبت في الصحيح عن سعد بن أبي وقاص أنه قال في العمرة في أشهر الحج. فعلناها وهذا يومئذ كافر (4)، كان الفاروق لا يخفي إعجابه بمعاوية، روى أنه ذكر معاوية عند عمر فقال: دعوا فتى قريش وابن سيدها أنه لمن يضحك في الغضب ولا ينال منه إلا على الرضا ومن يأخذ من فوق رأسه إلا من تحت قدميه (5)، وكان يقول للناس:
تذكرون كسرى وعندكم معاوية (6)، ومعاوية بدأ يحبو في اتجاه الكرسي بعد وفاة أخيه يزيد بن أبي سفيان الذي كان له كرسي في عهد أبي بكر وعمر عندما مات يزيد. كتب عمر بولاية معاوية مكان أخيه. وعندما ذهب عمر ليعزي أبي سفيان