تؤكل ذبائح نصارى بني تغلب ولا تنكح نساؤهم. ليسوا منا ولا من أهل الكتاب " (1). وكان الإمام علي بن أبي طالب يقول في خلافته: " لئن تفرغت لبني تغلب ليكونن لي فيهم رأي. لأقتلن مقاتلهم ولأسبين ذريتهم " (2)، ولكنه رضي الله عنه لم يعط الفرصة لالتقاط أنفاسه.
فهل خرج المشركون من جزيرة العرب؟ من الثابت أنهم لم يخرجوا إلا قليلا منهم، أما الكثرة فرضيت الدولة منهم بدفع الجزية. روى الطبري وغيره أن الجزيرة افتتحها عمر بن الخطاب في السنة السابعة عشرة هجرية (3). وعندما أراد عمر أن يأخذ الجزية من نصارى بني تغلب فروا إلى أرض الروم. فقال النعمان بن زرعة لعمر: أنشدك الله في بني تغلب فإنهم قوم من العرب يغضبون من ذكر الجزاء وهم قوم شديدة نكايتهم، فصالح عمر بني تغلب بعدما قطعوا الفرات وأرادوا اللحاق بأرض الروم. على أن لا ينصروا وليدا ولا يمنعوا أحدا منهم من الإسلام. فأعطى بعضهم ذلك وأخذوا به وأبى بعضهم إلا الجزية (4)، ثم نقض بنو تغلب عهدهم مع عمر ونصروا أولادهم. فضاعف عمر عليهم الجزية فقالوا: إنا نرضى ونحفظ ديننا (5)، واستمر الحال على ذلك. وفي عهد عثمان بن عفان. أراد عثمان أن لا يقبل من بني تغلب في الجزية إلا الذهب والفضة. فجاءه الثبت أن عمرا أخذ منهم ضعف الصدقة فرجع عن ذلك (6).
مما سبق نعلم أن الدولة اجتهدت في وصية النبي صلى الله عليه وسلم فبدلا من إخراجهم قبلوا منهم الجزية لما رأوا أن المصلحة في ذلك. بل لم تقف الدولة عند هذا الحد بل جاءت بسبي النصارى إلى الجزيرة. ذكر البلاذري:
لما ولي عمر بن الخطاب معاوية الشام حاصر قيسارية حتى فتحها فوجد بها من