المرتزقة سبعمائة ألف ومن السامرة ثلاثين ألف ومن اليهود مائتي ألف، ووجد بها ثلاثمائة سوق قائمة كلها. وقد بلغ سبي قيسارية أربعة آلاف. فلما بعث به معاوية إلى عمر بن الخطاب. قسمهم على يتامى الأنصار وجعل بعضهم في الكتاب والأعمال للمسلمين (1). وكان أبو بكر أخدم بنات أبي أمامة خادمين من سبي عين التمر فماتا فأعطاهن عمر مكانهما من سبي قيسارية (2)، ولا يخفى ما يترتب على عمل كهذا في ساحة لا رواية فيها.
ونحن سنلقي بعض الضوء على الأرضية النصرانية بالجزيرة لنمسك بأول الخيط الذي نقف اليوم في نهايته. روي أن الوليد بن عقبة كان على رأس القوة التي افتتحت الجزيرة ودخلت إلى ديار بني تغلب. وفي بني تغلب التقى الوليد بن عقبة بأبي زبيد الشاعر. فأما الوليد قال فيه صاحب كتاب الإستيعاب:
لا خلاف بين أهل العلم أن قوله الله عز وجل: (إن جاءكم فاسق بنبأ فتبينوا) (3)، نزلت في الوليد بن عقبة (4). وعن ابن عباس في قوله تعالى:
(أفمن كان مؤمنا كمن كان فاسقا لا يستوون) (5)، قال: نزلت في علي بن أبي طالب والوليد بن عقبة، وذكر قصة في ذلك (6)، أما أبو زبيد قال فيه صاحب الإصابة: كان في الجاهلية مقيما عند أخواله بني تغلب بالجزيرة. وكان في الإسلام منقطعا إلى الوليد بن عقبة في ولايته للجزيرة ثم للكوفة (7)، وقال ابن قتيبة: لم يسلم أبو زبيد ومات على نصرانيته. وقال المرزباني: كان نصرانيا وهو أحد المعمرين. يقال عاش مائة وخمسين سنة وأدرك الإسلام فلم يسلم (8)،