عند الحديث والتفسير بل انتهى القص إلى مرحلة أخرى يدمر فيها الأخلاق.
فلقد أخذت مواد القصص الغرامية تتكاثر وتتزايد بإطراد في أواخر العصر الأموي. حتى حمل السرور والإعجاب بها على إنشاء حلقات من القصص الغرامية تعتمد على أغاني الغزل المشهورة من ناحية. كما تشتبك بمختلف البواعث النابعة من آداب الأمم عامة من ناحية أخرى، ورواها العرب دون تحري مصادرها وإن سموا بعض الأشخاص من أبطال الغرام والعشق الذين لم يكونوا إلا من أبناء الخيال (1)، وهذا الباب ترتب عليه ثقافة وهذه الثقافة فتحت الطريق لأبواب أخرى تجد على أبوابها دعاة الصوفية والانعزالية. وتجد الذين يستدرون عطف الحكام. وتجد الذين يطبخون علوم الكلام لترى على الموائد أصنافا عديدة. من أقوال مرجئة إلى أقوال قدرية إلى علوم يونانية. وكل هذا أملاه الواقع الجديد الذي بناه القص.
قد يتبادر إلى الذهن سؤال: أين كان علماء أهل البيت من هذا؟ نقول:
كانوا يعيشون عيش العلماء وقد زهدوا في الناس وما في أيدي الناس. كانوا يقيمون الحجة ولا يتدخلوا في اختيار الناس. فالإمام علي، واجه القصاصين ونسبهم إلى النسب الصحيح فقال: أنتم أبو اعرفوني. أما الحسن بن علي رضي الله عنه فلقد روي أنه مر يوما. وقاص يقص على باب مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم. فقال له الحسن: ما أنت؟ قال: أنا قاص يا ابن رسول الله، قال: كذبت! محمد صلى الله عليه وسلم القاص. قال تعالى:
(فاقصص القصص)، قال الرجل: فأنا مذكر، قال: كذبت! محمد صلى الله عليه وآله وسلم المذكر، قال تعالى: (فذكر إنما أنت مذكر)، قال الرجل: فما أنا؟ قال له الحسن: المتكلف من الرجال (2).
والخلاصة لقد قدمنا هنا أن البداية كانت عندما فتح عمر باب القص، وشهد بذلك حديث صحيح، وإن هذا القص زيف الحقائق وشهد بذلك حديث