الحاضر والحاضر ابنا لشذوذ الماضي، والجميع يحافظون على سنة الآباء القومية التي أقام الشيطان خيامها، ورفع عليها قانونه الخالد الشاذ الذي وقف حجر عثرة على امتداد دعوة الأنبياء والرسل. لقد قالوا كما أخبر الله تعالى: (قالوا بل نتبع ما ألفينا عليه آباءنا) * (1)، و * (قالوا حسبنا ما وجدنا عليه آباءنا) * (2)، و * (قالوا أجئتنا لتلفتنا عما وجدنا عليه آباءنا) * (3)، وقالوا: * (إنا وجدنا آباءنا على أمة وإنا على آثارهم مهتدون) * (4).
إن زينة المال والأولاد التي أضفى عليها الشيطان زخرفه ليتلقفه الغاوون، هذه الزينة المزخرفة أقامت جدرا من الأموال واللحوم للصد عن سبيل الله. وهذا الانحراف وغيره، ما زال حجر عثرة على طريق الدعوة الحق. فالفطرة التي تحمل كليات الدين، زخرف لصاحبها طريق الانجراف، وزين لهم الباطل والمعاصي، فنسوا الله. ومن ينسى الله ينسيه الله نفسه وتنتهي به خطاه إلى الهلاك. إن حامل الفطرة هداه الله إلى السبيل الحق، وعرفه طريق الحق وطريق الباطل، وله أن يختار. فمن اختار طريق الباطل، أضله الله. ومعنى إضلال الله له، إن الله يقطع عنه الرحمة لانحرافه في الاختيار. ولا يدخل في الرحمة إلا إذا أخذ الخطوة الأولى في اتجاه الاختيار الحق. وجحافل فقه الشيطان، لا ييأسوا من طرح ثقافات وعقائد من شأنها أن تفسد الدين الفطري، لأنه على فساد الدين الفطري يترتب عليه فساد القوة الحسية الداخلية للإنسان، ولا تتعادل فيما بينها. وعلى فساد القوى الحسية، يكون الإنسان مستعدا لتلقي أي إغواء أو تزيين، يشبع أي ملكة من ملكات النفس الجائعة. وعلى أعتاب الكثرة من الذئاب الآدمية، يأتي طغيان هذه الكثرة التي لا تتعظ بموقف، ولا تتفاعل مع وجدان. ويترتب على طغيانهم ضعف القوة المخالفة، لذلك كان طريق الدعوة طريقا شاقا على امتداد المسيرة البشرية.