والقلوب كل زينة تنتهي بصاحبها إلى الهلاك. تعشق زينة الشهوات والأموال والبنين والمكر والصد عن السبيل. ومع هذا العشق تتحرك جحافل الليل أصحاب فقه الشيطان، ليدافعوا عن زينتهم أمام الذين يتعاملون مع الزينة الحق. على أنها للتفكر وللابتلاء في عالم الإنسان.
وفي الزينة الحق قال تعالى: * (المال والبنون زينة الحياة الدنيا والباقيات الصالحات خير عند ربك ثوابا وخير أملا) * (1). قال المفسرون: إن المال والبنين وإن تعلقت بها القلوب، وتاقت إليها النفوس تتوقع منها الانتفاع وتحق بها الآمال. إلا أنها زينة سريعة الزوال، لا تنفع الإنسان في كل ما أراده وما يأمله وما يتمناه منها. ولأنها كذلك فلا بد للتعامل معها وفقا لما شرعه الله تعالى، وإذا كانت هذه الزينة زائلة، فإن الأعمال الصالحة هي الباقية. وهي عند الله خيرا ثوابا، لأن الله يجازي الإنسان الذي جاء بها خير الجزاء، وخيرا أملا. لأن ما يؤمل بها من رحمة الله وكرامته ميسور للإنسان، فهي أصدق أملا من زينات الدنيا وزخارفها التي لا تفي للإنسان في أكثر ما تعده.
وكما أقام الشيطان له خيمة في اتجاه زينة الكواكب، أقام خيمة في اتجاه زينة الأموال والأولاد، وعلى هذه الزينة قسمت القلوب ووجه أصحابها سهامهم في اتجاه طائفة الأعمال الصالحة التي تدعو إلى الخير والثواب. وجاء طابور طويل يصد بالمال عن سبيل الله كما فعل قارون * (فخرج على قومه في زينته قال الذين يريدون الحياة الدنيا يا ليت لنا مثل ما أوتي قارون إنه لذو حظ عظيم) * (2)، واستمر هذا الطابور يتدفق على صفحة الوجه الإنساني آخذا صورا عديدة في عالم الرشوة وبيوت المال للصد عن سبيل الله. وفي عالم زينة الأولاد قالوا فيما أخبر سبحانه * (وقالوا نحن أكثر أموالا وأولادا وما نحن بمعذبين) * (3). وعلى قاعدة الأبناء، جاء الآباء بالأبناء ليركبوا على رقبة الشعوب، ليصبح بذلك المستقبل ابنا لشذوذ