واللا هدف ملابس الدعوة والهدف.
وبعد أن أعلن الشيطان الخط العريض، بأنه سيجلس على الصراط المستقيم. ذلك الصراط الذي يوصل الناس إلى ربهم الحق وينتهي بهم إلي سعادتهم في الدنيا والآخرة، أخبر سبحانه بأنه قال: * (ثم لآتينهم من بين أيديهم ومن خلفهم وعن أيمانهم وعن شمائلهم) * وفي هذا إيضاح للخط العريض. قال المفسرون: عن مجاهد قال * (من بين أيديهم) * يعني من حيث يبصرون، وقيل:
من بين أيديهم أي الدنيا (1). وقيل: أي ما يستقبلهم من الحوادث أيام حياتهم، من الأمور التي تهواها النفوس، وتستلذه الطباع. وكل ما يتعلق بالآمال والأماني. فيأتيهم ليخوفهم من الفقر إذا هموا لينفقوا في سبيل الله. أو يخوفهم من ذم الناس أو لومهم إذا أمروا بمعروف أو إذا سلكوا سبيل من سبل الخير وعلى هذا جاء فقه التقوقع والترقيع والانسحاب، غلافه غلاف الدين ومحتواه لا علاقة له بالدين.
والمراد من خلفهم، قال المفسرون: أي أرغبهم في دنياهم (2)، وقيل:
أي آتيهم من ناحية الأولاد والأعقاب وذلك لأن الإنسان له فيمن يخلفه من أولاد، آمال وأماني ومخاوف ومكاره. ويخيل للمرء أنه يبقى ببقاء أولاده، ويسره ما يسرهم ويسوؤه ما يسوؤهم، فيجمع لهم المال من حلاله وحرامه، ويفسح لهم الطريق إذا كان ذا جاه وملك ليكونوا امتدادا له بعد وفاته.. وعلى قاعدة الأبناء جاء فقه السلطة الذي يمدح المستقبل لأنه ينتمي إلى حاضر القاضي والجلاد ويمدح الحاضر لأنه ينتمي إلى ماضي القاضي والجلاد إنه عالم * (إنا وجدنا آباءنا على أمة وإنا على آثارهم مهتدون) * (3)، عالم ينظر إلى المستقبل بعيون الماضي وإن كان آباؤهم في الماضي لا يعقلون شيئا، إنه عالم غلاف فقهه غلاف ديني أما محتواه فهو أقرب إلى المحافظة على الشذوذ.