وتهيأ الرأي العام اليهودي لهذا المسيح، وكان توقعه يتجدد كلما نزلت باليهود البلايا والمحن، وظهر عيسى بن مريم وأعلن أنه المسيح الذي ينتظره اليهود ولكن أكثرية اليهود رفضوا هذا الادعاء، وقاوموا دعوة عيسى، وألقوا القبض عليه وحكموا عليه بالاعدام (1)، ويقول عنه التلمود: إن يسوع الناصري موجود في لجات الجحيم، بين القار والنار، وقد أتت به أمه عن طريق الخطيئة (2).
ومرت فترات طويلة دون أن يجئ المسيح الذي ينتظره اليهود، وانتهز بعض اليهود فرصة هذا الترقب فادعى كل منهم أنه المسيح، ويسجل التاريخ أخبار المسيح كاذب من حين إلى حين، وبخاصة في بلاد الفرس حيث ذاع القول بالمهدي المنتظر لدى الشيعة، فأثار الحماسة لظهور المسيح المنتظر، ففي بلدة شيرين ظهر رجل من اليهود في القرن الثامن الميلادي، وادعى أنه المسيح المنتظر، ووعد بأنه سيحقق معجزة استعادة فلسطين (3)، وفي نفس القرن ظهر فارسي آخر في بلدة أصفهان اسمه أبو عيسى وادعى أنه المسيح، وقال إن عودة فلسطين لن تتم إلا على أسنة الرماح، وأعد جيشا قوامه عشرة آلاف جندي من اليهود، وواتته فترة الاضطرابات التي كان يعانيها العالم الإسلامي عند سقوط الدولة الأموية وقيام دولة بني العباس، فعاشت حركة أبي عيسى فترة لأن أبا العباس السفاح انشغل عنها بما صادفه من مشكلات في مطلع الدولة العباسية، فما آل السلطان للخليفة المنصور اتجه بضربة قاصمة إلى جيش اليهود فهزمه، وفر أبو عيسى تجاه الشمال، ذاكرا أنه سيتقابل هناك مع أحد قادة اليهود المختفين ليتعاون معه على استعادة فلسطين (4).