ولا يقبل الباحثون ادعاء حلقيا، إذ لا يعقل أن توجد نسخة التوراة في بيت المقدس ولا يراها أحد قبل يوشيا ولا خلال السبعة عشر عاما الأولى من حكمه، ويرى الباحثون أن حلقيا انتهز فرصة ميل يوشيا إلى العودة لدين الله والعمل بالتوراة، فكتب خلال هذه الأعوام السبعة عشر ما أسماه أسفار التوراة، وليس ذلك في الحقيقة إلا من مخترعاته ومما سمعه من أفواه الناس. بقي أن نذكر أن الباحث العلامة ول ديورانت يقرر أنه لم يبق لدينا من شريعة موسى سوى الوصايا العشر (1).
كتاب العهد القديم:
تنسب أسفار العهد القديم إلى هذه الأسماء التي ذكرناها مع كل سفر، ولكن الحقيقة أن هذه النسبة غير صحيحة، وأن هؤلاء الذين نسبت لهم الأسفار أو أكثرهم لم يكتبوها، أولم يكتبوا حرفا منها، وقد سبق أن أشرنا إلى هذا عند حديثنا عن بعض الأسفار، وأينا أن بعض من نسبت إليهم الأسفار ليس لهم وجود في التاريخ، وإنما وضعت قصصهم وضعا لهدف معين، وبعض الأسفار ليست في الحقيقة إلا أساطير وأغنيات شعبية لصقها الكتاب ببعض الأنبياء أو المتنبئين من اليهود.
وحقيقة القول أن اليهود بعد أن انحرفت اعتقاداتهم وطباعهم تخلصوا من أسفار موسى الحقيقية لأنها كانت تختلف عما باشروا من طباع وخلق، وكتبوا سواها مما يتناسب مع ما يريدون من تاريخ ومن عقيدة.
ما الدليل على أن هذه الأسفار نسبت إلى غير مؤلفيها؟
في الإجابة على هذا السؤال نورد بعض نماذج تؤيد هذه الحقيقة دون شك، فعن أسفار موسى الحالية نقرر أنه لا يوجد من قريب أو من بعيد ما يفيد أن موسى هو الذي جاء بها، أو أنزلت عليه، بل على العكس من ذلك يوجد