كان الواحد منهم يمر بتدريبات وتقاليد يعرف خلالها الطقوس والأسرار الدينية، ويبرهن على استحقاقه لهذا المنصب الخطير، وكان لهم وحدهم حق تفسير النصوص، ولم تكن القرابين مقبولة إلا إذا قدمت على يد أحد الكهنة، وكانوا معفون من الضرائب، وتقدم لهم العشور من نتاج الضأن، ويأخذون ما بقي في الهيكل من القرابين، وقد جمعوا بذلك أموالا ضخمة وثراء عظيما، وامتازت ثروتهم بأن عدت مقدسة، وشخصياتهم بأن كانت الوسيلة إلى الله، وبذلك أصبحوا في كثير من الأحوال أقوى من الملوك أنفسهم.
وقد عقد Guignebert فصلا عن المجمع الكهنوني الذي يدبر شؤون اليهود (1)، ونقتبس منه ما نحتاجه في هذا البحث:
كان يتكون من كبار الكهنة مجلس يبحث الشؤون الكبرى التي تهم اليهود، ويرى بعض الباحثين أن هذا المجلس امتداد للمجمع الذي أمر يهوه موسى أن يكونه من سبعين من كبار اليهود ليلتقي بهم يهوه في خيمة الاجتماع (3)، ولا يوافق Guignebert على هذا الرأي ويرى أن الفرق كبير بين مجمع موسى الذي كان يمثل القبائل والسلطات وبين مجمع الكهنة الذي نتحدث عنه، والذي كان يمثل طائفة من العلماء والمفكرين من أبناء ليفي، ويرى هذا المؤرخ أن مجمع الكهنة يرجع إلى عهد الضغط اليوناني والروماني، وما انفجر عن ذلك من ثورات يهودية، وقد رأى القائمون بهذه الثورات أن من الضروري أن يكون لهم مجلس يدبر أمر هذه الثورات ويرعى مصالح اليهود (3)، وعضوية هذا المجلس تمتد مدى الحياة، أما طريقة اختيار أعضائه فإنها غير واضحة، ولم