أعداءهم وإن لم يكن من نسل داود، كما أطلقها أشعيا على قورش، ولما طال انتظارهم للمسيح الفاتح للغازي، ولم يجئ فكروا أحيانا بأن يجئ المسيح مصلحا اجتماعيا عادلا وديعا (1).
وقد سبق أن قلنا إن فكرة المسيح برزت في الفكر اليهودي في وقت متأخر، ومراجعة الكتاب المقدس تقرر لنا أن هذه الفكرة لم تظهر إلا بعد سقوط دولتهم وأسرهم في بابل ثم خضوعهم إلى الفرس (2)، وهذا التوقيت دفع كثيرين من الباحثين إلى الاعتقاد بأن فكرة المنقذ المخلص مستعارة من الزرادشتية التي يدين بها الفرس (3).
ويشرح Guignebert العلاقة بين الفكر الفارسي والفكر اليهودي في مسألة المسيح فيقول إن الاتجاه الفارسي كان يصور انتصار الخير على الشر في الصراع الطويل بينهما، وذلك الذي سماه الفرس خيرا هو نفسه ما أسماه اليهود (المسيح)، ويضيف هذا الباحث أن فكرة وجود ملك مثالي يحكم العالم كله كانت فكرة شائعة عند الساميين وهي تستتبع وجود عالم مثالي وهو ما أسماه اليهود، والمسيحيون من بعد اليهود (ملكوت الله) (4).
ويعود Guignebert بفكرة المسيح لدى اليهود إلى وقت سابق للعهد الفارسي، وهو يرى أن الكلمة المستعملة مع المسيح هي كلمة Expectation أي توقع) وهي عنده توحى بأن المسيح وجد قبل ذلك، وليس توقمه إلا أملا في أن يعود مرة أخرى، ويقرر أن بعض الباحثين توقعوا المسيح منذ عهد موسى، ويروى أن بعض الشعراء وصفوا داود بأنه المسيح المنتظر، ويتخذ من هذا دليلا على وجود فكرة المسيح قبل الأسر البابلي (5). ولا يستبعد أن