لتحرير عقول العبرانيين من الخرافات والأوهام ومن عبادة الأوثان، بل ظلت قلل التلال والحراج مأوى الآلهة الأجنبية، ومشهدا للطقوس الخفية، وظلت جماعات كبيرة من الشعب تسجد للحجارة المقدسة، أو تعبد بعل وعشتروت، أو تتنبأ بالغيب على الطريقة البابلية، أو تقيم الأنصاب وتحرق لها البخور، أو تركع أمام الحية النحاسية أو العجل الذهبي، أو تملأ الهيكل بضجيج الحفلات الوثنية (1).
3 - يهوه بعد الهيكل:
هذه هي المرحلة الثالثة من مراحل عبادة يهوه، وقد صاحبت هذه المرحلة الأسر البابلي، فقد فكر اليهود: أين يهوه الآن بعد أن تحطمت المدينة المقدسة وأحرق الهيكل؟
لقد بدا لهم أن يهوه كان معهم في الأسر، ولكن ألا يزال يهوه مع الذين تخلفوا منهم في فلسطين؟ وألم يسر يهوه مع من ساروا منهم إلى بلاد أخرى في الشمال والجنوب والشرق والغرب؟ وكانت إجابتهم على ذلك بعيدة المدى في الفكر اليهودي، فقد أصبحوا يعتقدون أن يهوه مع كل منهم أنى كان، ومعنى هذا أن يهوه في كل مكان (2)، وتعد تلك خطوة هامة في تاريخ العقيدة الإسرائيلية، فإنها رفعت الإله عن أن يكون محدودا في مكان لا يتعداه، وتخطت به قيود التجسيم إلى حد ما.