ما صدقته أفواج من الناس وأصبح له مريدون يزدادون يوما بعد يوم، وأخذ سبتاي ينتقل بين اليونان وسوريا ومصر، وكان بعض أتباعه المتحمسين له يسبقونه إلى حيث ينوي أن يذهب ليهيئوا الجو لحضوره، ويجمعوا لإستقباله الجموع، وفي القاهرة كانت هناك فتاة يهودية بولندية نادرة الجمال هربت بما يشبه المعجزة من مذابح القوزاق، وعندما التقى بها سبتاي افتتن بجمالها وتزوج بها وأعلن أنها منذ القدم كان قد قضي بأن تكون شريكة حياته، وراح سبتاي في حماسة ظاهرة ينتقل هنا وهناك ويواصل دعوته، ولم يستطيع الربانيون أن يوقفوا حركته التي أخذت تنتشر في كل مكان بين اليهود، حتى أصبح له أتباع في أمستردام وهامبورج ولندن بالإضافة إلى أتباعه بالشرق. وقد بلغ تصديقه مبلغا عظيما حتى أن بعض أتباعه راحوا يبيعون ممتلكاتهم ويجمعون ثروتهم ويعدون أنفسهم للعودة من المهجر إلى فلسطين خلف سبتاي، وفي فارس توقف العمال اليهود عن طاعة سادتهم ورفضوا أن يستمروا في فلاحة الأرض، وبدأ اليهود في كل مكان وكأنما مسهم طائف من الجنون وأصبحوا عبيدا للأمل الذي جددته دعوة زيفى.
وانتشى زيفى بالنصر الذي حققه، فراح يدخل تعديلات جزيئة في التقاليد والنظم اليهودية، فغير وقت الصوم ومواعيد الأعياد كما جاء في رسالته التي ذكرناها آنفا، ووصلت به النشوة إلى أن تخيل نفسه صاحب سلطان شامل، فأخذ يوزع التيجان على إخوته وأصدقائه المقربين، بعد أن عين كلا منهم ملكا على منطقة من المناطق التي رأى أن سلطانه سيزحف عليها، واحتفظ زيفى لنفسه بلقب (ملك الملوك).
ووصل زيفى في تجواله إلى القسطنطينية حيث عاصمة الخلافة العثمانية ويلاحظ أن الخليفة المسلم لم يتعرض له في المدة السابقة، لأنه فيما يبدو لم يرد أن يواجه الحماس والصخب الذي أحاط باسم سبتاي في أول أمره،