ويؤكد أنتوني ناتنج أن الرغبة في العودة إلى أوربا قد تحركت، وأن هناك أفواجا قد عادت إلى أوربا بالفعل، وهو يدلل بهذا الرأي على أن تجربة دولة بأجناس مختلفة تجربة فاشلة، وقد سبق فشلها في التاريخ عندما غزا الصليبيون الشرق وعاشوا فيه وأقاموا دولة استمرت مائتي عام، وانتهت بعودتهم إلى أوطانهم من جديد.
وعلى هذه الأسباب السابقة يبني (أنتوني ناتنج) نظريته التي تتنبأ بتقلص الجنس الأوربي من ناحية، وامتصاص الجنس العربي لما بقي في فلسطين من أجانب من ناحية أخرى في تطور تدريجي، ويقرر ناتنج أن من الطبيعي أو من المحتم أن تستوعب فلسطين أبناءها المشردين خارجها، وأن تلفظ الأجانب الذين لا ينماعون في الحياة الجديدة، ثم تنشأ دولة فلسطين من حكومة عربية إقليمية مزدوجة العنصر، يعيش فيها العرب واليهود جنبا إلى جنب (1).
اليهودية والصهيونية تحدثنا من قبل عن اليهود واليهودية، ونريد هنا أن نبين العلاقة بين اليهودية وبين الصهيونية، فهذه العلاقة من النقاط المهمة التي لم تتضح تماما لدى كثير من الباحثين والكتاب.
والصهيونية (Zionism) نسبة إلى جبل صهيون الذي يقع في الجنوب من بيت المقدس، وقد اقتحمه داود إبان ملكه، واستولى عليه من اليبوسيين الذين كانوا يقطنونه (وأخذ داود حصن صهيون،...
وأقام داود في الحصن وسماه (مدينة داود (2)) وأصبح صهيون مكانا مقدسا